النجار, ابراهيم عبد العزيز. (2019). إمکانية الارتقاء بالإمتثال الطوعى فى المجتمع الضريبي: دراسة مقارنة. مجلة الدراسات القانونية والاقتصادية, 5(1), 1-31. doi: 10.21608/jdl.2019.169599
ابراهيم عبد العزيز النجار. "إمکانية الارتقاء بالإمتثال الطوعى فى المجتمع الضريبي: دراسة مقارنة". مجلة الدراسات القانونية والاقتصادية, 5, 1, 2019, 1-31. doi: 10.21608/jdl.2019.169599
النجار, ابراهيم عبد العزيز. (2019). 'إمکانية الارتقاء بالإمتثال الطوعى فى المجتمع الضريبي: دراسة مقارنة', مجلة الدراسات القانونية والاقتصادية, 5(1), pp. 1-31. doi: 10.21608/jdl.2019.169599
النجار, ابراهيم عبد العزيز. إمکانية الارتقاء بالإمتثال الطوعى فى المجتمع الضريبي: دراسة مقارنة. مجلة الدراسات القانونية والاقتصادية, 2019; 5(1): 1-31. doi: 10.21608/jdl.2019.169599
إمکانية الارتقاء بالإمتثال الطوعى فى المجتمع الضريبي: دراسة مقارنة
عندما نعيش في مجتمع مثالي ملتزم بالقانون يکون من المتوقع أن يدفع الممولون الضرائب المستحقة عليهم. غير أن مثل هذا المجتمع ليس له وجود، ولا يتوقع وجوده. ومن هنا يجب علي مختلف البلدان أن تقوم علي بث create ثقافة الإمتثال للقوانين الضريبية في نفوس الممولين. يجب عليها غرس هذه الثقافة cultivate. ومراقبتها monitor وتنفيذها ولو قسراً enforce علي الممولين. "Compliance with tax laws must be created, cultivated, monitored and enforced in all countries."[1] ولذا تهتم العديد من الدراسات بتشييد السياسات المثلي لإنفاذ القانون الضريبي.[2] - أهمية البحث:
من المؤکد أن تنمية الإمتثال في المجتمع الضريبي تساهم في تحصيل المستحقات الضريبية للخزانة العامة في الوقت المناسب، وتسعفها في تحقيق أهدافها، وتحميها من الإنزلاق إلي مستويات عجز غير آمنة. وفي ضوء ذلک، يعتبر موضوع الإمتثال الضريبي من الموضوعات التي تشغل بال الباحثين والعاملين في الإدارة الضريبية علي الدوام، خاصة وقد ثبت لهم من مراقبة سلوک معظم الممولين في المجتمعات الضريبية المختلفة أنهم لا يمتثلون للقوانين الضريبية إلا عندما يشعرون أن تکلفة عدم الإمتثال تفوق تکلفة الإمتثال؛ أي عندما يتأکدون أن قسوة معاناتهم في حالة الکشف عن التهرب الضريبي تتجاوز قيمة الضريبة الواجب سدادها.[3] ولذا يجب تعزيز دور الإدارة الضريبية في مواجهة الممولين لتعضيد قدرتها علي تحقيق الإمتثال الضريبي، بل وتنميته. وهذا يتوقف على قدرتها علي اکتشاف الممولين غير الممتثلين ومعاقبتهم. - إشکالية البحث:
ومن هنا تتضح لنا إشکالية البحث، إذ يرنو إلي بيان ما إذا کان إنشاء بيئة مواتية للممولين يتم حثهم من خلالها على الإمتثال الطوعي للقوانين الضريبية کافٍ لتيسيير مهمة الإدارة الضريبية في تحقيق الإمتثال الضريبي، أم أن الأمر يستلزم أيضاً تمکين الإدارة الضريبية من جذب الممولين غير الممتثلين إلي دائرة الإمتثال ولو قسراً، من خلال تعزيز قدرتها علي إنفاذ القانون الضريبي بشکلٍ فعالٍ، ولکن بأقل تکلفة للمجتمع کذلک.[4] - خطة البحث: وفي ضوء ذلک يتم تقسيم هذا البحث إلي فصلين: الفصل الأول: أهمية تطوير العلاقة بين الإدارة الضريبية والممولين لتنمية الإمتثال الضريبي. الفصل الثاني: المراقبة الفعالة للممولين کضرورة لتحقيق الإمتثال الضريبي. الفصل الأول أهمية تطوير العلاقة بين الإدارة الضريبية والممولين لتنمية الإمتثال الضريبي
نتعرض في هذا الفصل لماهية الإمتثال الضريبي (في المبحث الأول) ثم لکيفية تنمية الإمتثال الضريبي الطوعي أو الإختياري لدي الممولين (في المبحث الثاني). المبحث الأول ماهية الإمتثال الضريبي
يستلزم التعرض لماهية الإمتثال الضريبي تحديد مفهومه، وبيان العوامل التي يمکنها التأثير فيه، وبيان طبيعة العلاقة بين الإدارة الضريبية وبين الأطراف ذات الصلة بالمجال الضريبي، وأثرها علي تنمية الإمتثال الضريبي، وذلک في المطلبين التالييين. المطلب الأول مفهوم الإمتثال الضريبي والعوامل المؤثرة فيه
يمکن تعريف الإمتثال الضريبي The Tax Compliance - في أبسط أشکاله - بأنه إلتزام الممولين بتنفيذ أحکام القانون الضريبي. ويتم قياس درجة عدم الإمتثال الضريبي عن طريق قياس "الفجوة الضريبية"، وهي تمثل الفرق بين الإيرادات الضريبية الفعلية، أي المحصلة، والإيرادات الضريبية الحقيقية، أي التي يجب تحصيلها خلال فترة زمنية معينة. فإذا کانت الإيرادات الضريبية المحصلة هي بذاتها الإيرادات الضريبية الحقيقية، فهنا تکون نسبة الإمتثال الضريبي 100 %[5]. وهذا الفرض – يقيناً – نادر الحدوث. فغالباً ما يحدث تهرب من الممولين علي نحوٍ أو آخر. - معوقات الإمتثال الطوعي:
قد تکون تکاليف الإمتثال الضريبي compliance costs مرتفعة بصورة کبيرة في المتوسط، في حالة تعقد التشريعات الضريبية، أو عند تعقد الطرق الإدارية المستخدمة لإدارة بعض الضرائب شائعة التطبيق في بعض البلدان النامية، مثل ضرائب الدمغة stamp taxes على سبيل المثال. وعلاوة على ذلک، فإن تکاليف الإمتثال قد تکون عالية المرونة بالنسبة لتغير التشريعات الضريبية ولبعض التغيرات في البيئة الخارجية مثل التضخم. ومثل هذه العوامل ترشح لوجود بيئة مواتية لتواضع نسبة الإمتثال الضريبي في العديد من البلدان النامية وتلک التي تمر بمراحل انتقالية، بخلاف بعض البلدان المتقدمة التي تملک – علي العکس- بيئة مواتية ترشح لارتفاع نسبة الإمتثال الضريبي[6]. - هل يمکن النظر إلي عدم الإمتثال الضريبي علي أنه مخاطرة محسوبة؟
يري البعض أن الأفراد في سبيل تعظيم دخولهم وثرواتهم لا يتحقق منهم الإمتثال للنظام الضريبي إلا إذا کانت فوائد القيام بذلک تتجاوز تکاليف عدم القيام به، في شکل ضرائب إضافية وغرامات...إلخ. لذا يتم تعريفه من قبل Jevons مثلاً بشکل ضيق بأنه "حساب التفاضل والتکامل بين المتعة والألم" ‘calculus of pleasure and pain’ ويسير مذهب (برناسکوني) Bernasconi في نفس الاتجاه حيث يري أن "التهرب من الضرائب يشبه المقامرة. حيث تتحقق المکاسب للممول من التهرب إذا کان ناجحا، وتحدث التکاليف ومن ثم يحدث الغُرم له من حيث العقوبات إذا لم يکن کذلک".[7]غير أنه أُخذ علي هذه النظرة الاقتصادية الضيقة أنها تفترض، ضمنيًا، أن الأفراد غير أخلاقيين بطبيعتهم، ويعملون في نوع من الفراغ الاجتماعي.[8] - أهمية اعتبار مکافحة التهرب الضريبي منصميم السياسة المالية:
الواقع أن أدبيات علم المالية العامة public finance literature، لاتعزل مسألة مکافحة التهرب الضريبي عن قضية تصميم السياسة المالية؛ بحسبان أن مدى التهرب من الضريبة العامة لا يعتمد فقط على المتغيرات parameters التي تتميز بها سياسة الإنفاذ التي تقوم بها الإدارة الضريبية - مثل تکرار عمليات الفحص، وسياسة توقيع الغرامات على سبيل المثال- ولکن أيضًا على بنيان التشريع الضريبي کذلک، مثل أسعار الضريبة العامة مثلاً. [9] وبالتالي کان من رأي البعض (Sandmo (1972) & Kolm (1973)) أن تصميم السياسات المالية المثلى، أو ما يطلق عليه عند البعض الآخر (in Slemrod’s (1990) terminology) "الأنظمة الضريبية المثلى[10]" " optimal tax systems " يجب أن يتضمن أيضًا جميع الأدوات التي تساعد على إنفاذ التشريع الضريبي، بما في ذلک معاقبة الممولين المتهربين من الضريبة. - أفضلية سياسات تشجيع الإفصاح الطوعي لتحقيق الإمتثال الضريبي:
وإذا کانت أعمال الفحص والمراجعة التي تقوم بها الإدارة الضريبية لدفاتر وسجلات الممولين تمثل آداة فاعلة في تنمية الإمتثال الضريبي، کما سيتضح لنا فيما بعد، إلا أنه فضلاً عن التکلفة المرتفعة لجبر الممولين علي الإمتثال الضريبي من خلال هذه الآلية، فإنها لاتصلح لإلزام جميع الممولين؛ بالنظر الي کثرة أعدادهم، وقلة أعداد مسؤولي الإدارة الضريبية. لذا تسعى الإدارات الضريبية في جميع أنحاء العالم إلى التقارب مع الممولين من أجل تحسين الإمتثال. [11] المطلب الثاني العلاقة بين الإدارة الضريبية والأطراف ذات الصلة وأثرها علي الإمتثال الضريبي أولاً: العلاقة بين الإدارة الضريبية والممولين وأثرها علي الإمتثال الضريبي: إن بث الثقة Trust في نفوس الممولين تجاه الإدارات الضريبية، وعدم تحقق مظاهر فساد بها، وکفاية الخدمات العامة المقدمة من قبل البلد المعني لهي من القضايا الهامة التي تشغل بال القائمين علي الإدارة الضريبية في البلدان المتقدمة النامية علي السواء. ويرجع غياب أو تراجع هذه الثقة، وبخاصةٍ في البلدان النامية، في نظر البعض، إلي غياب الحوکمة وإنتشار الفساد[12]. ومن هنا تنخفض معدلات الإمتثال الضريبي في البلدان النامية بشکل کبير، مما يدفع بعض هذه البلدان إلي الحصول على إيرادات عامة تعويضية من صادرات الموارد الطبيعية والمساعدات الخارجية. ومع ذلک، يقود هذا السلوک إلي الدخول في حلقة مفرغة من الإنخفاض في الإيرادات العامة، وعدم المساءلة، وعدم کفاءة الخدمات العامة، ثم مزيد من عدم الثقة، ومزيد من إنخفاض الحصيلة الضريبية تبعاً لذلک... وهکذا.[13] ثانياً: علاقة الإدارة الضريبية بالعاملين لديها وأثرها علي الإمتثال الضريبي: الواقع أنه ولإن کان قرار الممول بالإمتثال أو بعدم الإمتثال يعد من بين الإلتزامات الضريبية، التي تحظي بإهتمام کبير في الأدبيات الاقتصادية التي تناولت موضوع التهرب الضريبي، إلا أن معظم الکتابات عن التهرب الضريبي في البلدان النامية على سبيل المثال تفترض أن رجال الإدارة الضريبية صادقين تمامًا. وهذا ليس صحيح بصفة مطلقة. إذ ليس کل رجال الإدارة الضريبية صادقين بالضرورة.[14] فقد ينتشر الفساد بين رجال الإدارة الضريبية، وتنشط الرشا، فتتدفق الأموال إلى يد المسؤولين الضريبيين لا إلي الخزانة العامة، وهنا يکون من الاولي محاولة تعويض الخسارة أو الفاقد في الحصيلة الضريبية من خلال مناقشة مشکلة المسؤولين الفاسدين، بدلاً من الاتجاه إلي فرض ضرائب جديدة، أو زيادة معدلات الضرائب القائمة.[15] ثالثاً:علاقة الإدارات الضريبية ببعضها البعض وأثرها علي الإمتثال الضريبي الدولي: هناک خصيصتان هامتان تميزان الضريبة العامة دولياً، هما: الحاجة إلى أن تتفاعل الإدارات الضريبية في البلدان المختلفة مع بعضها البعض من جهة ، وکذا أن تتفاعل هذه الإدارات مع الممولين في البلدان الأخرى من جهة ثانية. ويتم تحديد بعض القواعد العامة في هذا المجال من قبل المعاهدات والاتفاقات الضريبية الدولية، بينما ينتج بعضها الآخر عن الإطار التشريعي والإداري لکل بلد من البلدان.[16] رابعاً: مدي جودة السلع والخدمات العامة وعلاقتها بتحسن الإمتثال الضريبي: إن بث ثقة المجتمع في القيادة السياسية، وإتجاه سياسة البلد المعني إلي مکافحة الفساد للحد منه، وقدرة هذا البلد علي تحسين المعروض من السلع والخدمات العامة... إلخ. لهي من الأمور الهامة التي تؤدي إلي تحقيق مستوي طيب من الإلتزام الطوعي للممولين، وفقاً للنتائج التي توصلت إليها الدراسات في البلدان المتقدمة والنامية علي السواء.[17] خامساً: العلاقة بين الحکومات المرکزية وبين المحلية وأثرها علي الإمتثال الضريبي: تعتبر فکرة الفيدرالية المالية من القضايا الشائکة في البلدان النامية، ولها تأثيرها السلبي على الإمتثال الضريبي. وقد يقع الممولون في علاقات متضاربة بسبب اضطراب، وعدم انضباط العلاقة بين الحکومة الوطنية المحلية من جهة وبين الحکومة المرکزية من جهة أخرى. فقد يتم تکرار فرض الضرائب وجعلها أکثر تعقيداً، مما يجعل الممولين محبطين.[18] وعندما ينجح البلد المعني في تحديد فواصل واضحة بين اختصاصات الادارات الضريبية في الحکومة المرکزية ونظيرتها في الحکومات المحلية بما يحقق مصالح الممولين في عدم تحقق ازدواج ضريبي؛ بسبب ما قد يحدث من تضارب في اختصاصات کلٍ منهما، فهنا ترتفع نسبة إمتثال الممولين للتشريع الضريبي.[19] سادساً: التبادل التلقائي للمعلومات الضريبية دولياً کوسيلة لتنمية الإمتثال الضريبي: في نوفمبر 2014 أيد زعماء مجموعة العشرين (G 20) تطبيق معيار الإبلاغ الموحد لدول منظمة التعاون الإقتصادي والتنمية کمعيار عالمي للتبادل التلقائي للمعلومات في المجال الضريبي. ووافقت هذه البلدان على التبادل التلقائي للمعلومات في هذا المجال مع بعضها البعض، بل ومع البلدان الأخري. وتم الإتفاق علي أن تبدأ عمليات التبادل الأولى في سبتمبر 2017. بخصوص المعلومات المرتبطة بالإستثمار المشترک بين هذه البلدان في عامي 2017 و 2018، وکان الحافز قوياً للکثير من الإدارات الضريبية لتحقيق نوع من الإفصاح الطوعي في الفترة التمهيدية.[20] سابعاً: أثر شبکة الإنترنت علي جودة الإمتثال الضريبي: من المؤکد أن تواصل الممولين مع الإدارة الضريبية من خلال شبکة الإنترنت يساهم بفاعلية في تنمية الثقافة الضريبية لديهم، ويساهم في ترسيخ قاعدة اليقين في المجتمع الضريبي. ويرشح بالتبعية لرفع نسبة الإمتثال الضريبي. وتؤکد دراسة متخصصة أجريت في المجر عام 2015م. أن الممولين المجريين تواصلوا مع الموقع الإلکتروني للإدارة الضريبية في المجر في ذلک العام ما يقرب من ثمانية عشر مليون مرة. وأنهم قاموا باستدعاء خطوط المعلومات من هذا الموقع أکثر من 1.3 مليون مرة. وأن نحو 75% من زائري الموقع الإلکتروني للإدارة الضريبية يقومون بزيارته على أساس منتظم (عدة مرات في الأسبوع، أو حتي في اليوم).[21][22] ثامناً: الخصائص القانونية والإدارية وأثرها علي الإمتثال الضريبي الدولي: هناک بعض الخصائص القانونية والإدارية التي يساهم توافرها في الإتفاقيات الضريبية علي المستوي الدولي في ضمان تحقيق مصالح البلدان الأطراف في هذه الإتفاقيات، في مجال الإمتثال الضريبي.[23] وفيما يتعلق بالخصائص القانونية ذات التأثير الإيجابي علي الإمتثال الضريبي، فإن الإتفاقيات الضريبية تضمن وجود نظام مالي دولي فعال، وآليات لإصلاح أحوال الممولين في البلدان المختلفة الأطراف في الإتفاقيات، مما يساهم بشکل فعال في زيادة معدل الإمتثال الضريبي. أما بالنسبة للخصائص الإدارية ذات التأثير علي تحقق الإمتثال الضريبي، فإن البلدان الأطراف في الإتفاقيات الضريبية الجيدة تتعاون فيما بينها بحيث تتواصل الإدارات الضريبية في کل بلد منها مع الإدارات الضريبية في البلدان الأخرى لمنع التهرب الضريبي. المبحث الثاني أهمية معاملة الممولين بثقافة التعامل مع العملاء لتنمية الإمتثال الضريبي
يثور التساؤل عن إمکانية معاملة الإدارات الضريبية للممولين بثقافة تعامل المنشآت التجارية مع العملاء. وتتعرض المطالب الثلاثة الآتية لهذه القضية. المطلب الأول أهمية النظر إلي مهمة الإدارة الضريبية کعملية إنتاجية
سبق أن رأينا في المبحث السابق کيف أن العلاقة الطيبة بين الإدارة الضريبية وبين الممولين، والتعامل معهم بعدالة وشفافية، ومراعاتها الإستجابة لمطالبهم، وتيسيير الإجراءات التي تحقق مصالحهم يکون لها عظيم الأثر في تحقيق الإمتثال الضريبي. ولذا يجب العناية بالمهام الأساسية التي تباشرها الإدارة الضريبية، والنظر إليها على أنها مهام إنتاجية، تتکون من مدخلات ومخرجات، تتمثل المدخلات في جهود رجالها، والمواد والمعلومات التي تعتمد عليها. وتتکون المخرجات من عائدات الضرائب، وحقوق الممولين.[24] ومن هنا ينبغي – أولاً - أن تکون موارد الإدارة الضريبية کافية من حيث القوى العاملة والبنية التحتية والهيکل التنظيمي المناسب، وأن يتواجد نظام معلومات قوي لتصميم وإدارة النظام الضريبي، بإصلاحاته المحتملة.[25] وأن يتم النظر إلي کل إجراء تقوم به الإدارة الضريبية بوصفه جزء من عملية إنتاجية، تعتمد علي قرارات تخصيص لرأس المال والعاملين بها، ومن ثم تعد بمثابة تکاليف إدارية للحصيلة الضريبية.
- دعائم تأسيس الثقافة التنظيمية للممولين:
من الأهمية بمکان أن تؤسس الإدارة الضريبية لثقافة تدعم الممولين من أجل تنمية الإلتزام الطوعي وتعظيم الحصيلة الضريبية، تعتمد علي عدة ثوابت، أهمها: أولا: أن الارتقاء بمستوي خدمات الممولين ضرورة لتنمية الحصيلة الضريبية: فمما لا شک فيه أن الوظيفة الأساسية للإدارة الضريبية هي تحصيل الإيرادات الضريبية. ونتيجة لذلک، ينبغي توجيه جميع الأنشطة التي تضطلع بها إلى الهدف النهائي، المتمثل في تعزيز قدرتها علي تحصيل الإيرادات الضريبية. وفي ذات الوقت، يجب أن تکون الطريقة التي يتم بها تحصيل الإيرادات الضريبية عادلة ومهنية ومقبولة من الممولين.[26] ومن هنا يجب أن تکون رؤية الإدارة الضريبية ورسالتها واضحتين، وتتمثلان في إعتقادها الجازم بأن مهمتها تضم کلاً من "تحصيل الإيرادات الضريبية" و"تقديم الخدمات الضريبية للممولين" - باعتبارهما عنصران أساسيان وضروريان لتحقيق أهدافها، وأن تعظيم الحصيلة الضريبية يمکن تحقيقه بالفاعلية المرجوة کلما تم تقديم الخدمات الضريبية للممولين علي نحوٍ مرضٍ.[27] ثانيا: أن مفهوم الخدمة الاستراتيجية يقتضي الترکيز على أصحاب المصلحة الخارجيين[28]: إذ يجب تنفيذ مفهوم منضبط للخدمات المقدمة للممولين، وقياس نتائج تقديم هذه الخدمات من أجل تحسينها بالاقتداء بمدخلات تأتي من الممولين أنفسهم، وکذا من أصحاب المصلحة من غير أبناء الإدارة الضريبية: 1- فيجب أن ترکز إستراتيجية الإدارة الضريبية على احتياجات الممولين وأصحاب المصلحة، بدلاً من الترکيز على الأولويات التنظيمية. أي بدلاً من الاهتمام بتأثيث مکاتب الضرائب الضخمة على سبيل المثال (LTOs).[29] 2- کما يجب الإستفادة من ردود أفعال الممولين وأصحاب المصالح، وأن تضع الإدارة الضريبية مجموعة من خيارات الخدمة للتفاعل مع الممولين.[30] ثالثا: أن تنفيذ مفهوم الخدمة الاستراتيجية يقتضي الإهنمام بأصحاب المصلحة الداخليين[31]: يحدد مفهوم الخدمة الاستراتيجية ذات التوجه الداخلي کيف يمکن للعمليات الداخلية للإدارة الضريبية دعم الرؤية التي يرکز عليها ويهتم بها الممولون. والفرضية هنا هي أن العاملين القادرين، والمدربين تدريباً جيداً، والمُعوّضين إلى حد ما بمقابل مادي مرضي يقدمون خدمات ضريبية أفضل، ويحتاجون إلى إشراف أقل، ويکونون أکثر تقبلاً للبقاء في العمل. وفي ضوء ذلک[32]: 1- يجب على القادة الإداريين في الإدارة الضريبية ضمان تعزيز إنشاء واختبار الأفکار الجديدة التي يتقدم بها لهم مرؤوسوهم. 2- ويجب أن تحدد الإدارة الضريبية مجموعات العاملين التي تعتبرها هامة لتطبيق مفهوم الخدمة الموجهة نحو الممولين. رابعا: أن الهدف العام لإستراتيجية خدمات الممولين هو تثقيف الممولين: ينبغي أن يکون الهدف العام لإستراتيجية خدمات الممولين هو تثقيف الممولين، وتطوير وتفعيل الإجراءات، وإتاحة الوصول إلى المعلومات المناسبة بحيث يکون من السهل على الممولين الإحاطة بالحد الأدنى من الثقافة الضريبية، التي تؤهلهم للإمتثال الضريبي، وآداء واجباتهم الضريبية المعتادة دون حاجة إلى الاتصال بالإدارة الضريبية.[33] - أهمية مراعاة التشريع الضريبي للممول الممتثل لا العکس: هناک – دائماً- طائفتان من الممولين: إحداهما تمتثل طوعا ً للضريبة، والأخري تجنح نحو عدم الإمتثال الطوعي، مع اختلاف حجم کل طائفة منهما في مواجهة الأخري، وذلک بغض النظر عما إذا کان أي من أفراد هاتين الطائفتين يستطيع التهرب من الضريبة أم لا[34]. وقد دأب المشرع المصري منذ خمسينيات القرن الماضي علي تضمين تشريعاته الضريبية بصورة دائمة نصوصاً تسمح للإدارة الضريبية بالتصالح مع الممولين غير الممتثلين في المنازعات الضريبية المقامة ضدهم، من أجل تصفيتها، وتعجيل تحصيل المستحقات الضريبية. ومما لاشک فيه أن توجه المشرع علي هذا النحو يغذي لدي الممولين غير الممتثلين اتجاهاً متنامياً نحو مناهضة الإمتثال الضريبي الطوعي، الذي يجب أن تسعي جاهدة إلي غرسه في المجتمع الضريبي کل من التشريعات الضريبية والإدارة الضريبية علي السواء.[35] - سلبيات منح مزايا ضريبية لبعض الممولين علي جودة الإمتثال الضريبي: قد يُستخدم النظام الضريبي کآداة لتحقيق بعض الأغراض السياسية، أو الإقتصادية من خلال تدخله في قطاع أو آخر من قطاعات النشاط الإقتصادي، مما يجعله غير محايدٍ، ويکون لذلک آثاره السلبية – يقيناً - علي الحصيلة الضريبية. من ذلک علي سبيل المثال ماتقدمه روسيا البيضاءBelarus من إعانات، أو مزايا ضريبية معينة لبعض الشرکات. وماتفعله أوکرانيا Ukraine من تغيير لقوانينها الضريبية في بعض الأحيان لتحقيق مصالح مجموعات معينة من الممولين.[36] وقد أدي تطبيق مثل هذه الأحکام التفضيلية إلي إنخفاض إيرادات ضريبة الشرکات CIT في بولندا مثلاً بنحو 25٪.[37] المطلب الثاني دور إدارات مساعدة الممولين في تحقيق الإمتثال الضريبي
لکي يکون النظام الضريبي فعالاً، يجب أن يکون معظم الممولين لديه متعاونين، وراغبين في الوفاء بالتزاماتهم. ويترتب على ذلک أنه قد تکون هناک مکاسب أکبر في مساعدة الممولين المتوافقين في الوفاء بالتزاماتهم المالية أکثر من إنفاق المزيد من الموارد في متابعة الأقلية من غير الملتزمين، سواء کانوا ممولين فعليين أو محتملين. فقد يکون العديد من الممولين على استعداد للإمتثال بالکامل ولکنهم غير قادرين على القيام بذلک؛ لأنهم لا يدرکون، أو لا يفهمون حقيقة التزاماتهم، أو غير قادرين على الإمتثال لأسباب أخرى. ومن هنا يجب علي الإدارة الضريبية تخصيص موارد إضافية لمساعدة أمثال هؤلاء الممولين علي الإمتثال، من خلال تحسين تدفق وجودة المعلومات الضريبية المتاحة أمامهم مثلاً، أو تثقيفهم ليصبحوا مواطنين أکثر مسئولية...إلخ.[38] - أهمية تفعيل الالتزام الطوعي: مما لا شک فيه أن الممولين يتأثرون بدوافع اقتصادية ودوافع أخرى غير اقتصادية للتهرب من الإمتثال للضريبة العامة، والاستراتيجية الناجحة للإدارة الضريبية هي تلک التي تعطي الوزن المناسب لکل عامل من العوامل ذات الصلة بالإمتثال الضريبي، ومدي تفاعلها.[39] والاتجاه الدولي في هذا الصدد هو أن تقوم السلطات الضريبية بإدارة النظام الضريبي بطريقة تشجع الممولين علي أن يقوموا بتقييم التزامهم الضريبي ذاتيًا، ومن ثم تحويل الضريبة المستحقة إلى الإدارة الضريبية.[40] - إدارات مساعدة الممولين ودورها في تنمية الإمتثال الطوعي: تلعب الإدارات التي تنشئها السلطات الضريبية لخدمة الممولين دوراً حاسماً في هذا الاتجاه. إذ تساعد هذه الإدارات في زيادة الإمتثال الطوعي من خلال تزويد الممولين بالمعلومات والمساعدات التي يحتاجونها لتمکينهم من الوفاء بالتزاماتهم الضريبية. وتعمل الخدمات التي تقدمها هذه الإدارات للممولين على الحد من تکاليف الإمتثال من خلال توفير برامج تمکّن الممولين من الوفاء بالتزاماتهم الضريبية بسهولة أکبر، وبالتالي تقليل الحاجة إلى أن تقوم الإدارة الضريبية بإنفاق موارد أکثر تکلفة لإنفاذ الإمتثال الضريبي.[41] - مسؤوليات إدارات مساعدة الممولين: تمثل هذه الإدارات الفرعية نحو 10 % من الموارد البشرية للإدارة الضريبية ذات الصلة في المتوسط.[42] ويناط بها بصفة تفصيلية مسؤولية تطوير استراتيجيات شاملة للممولين وربطها باستراتيجية الإمتثال الشاملة للمنظومة الضريبية، ومع مراعاة متطلبات الممولين المهنية والجغرافية.[43] والغالب أن تترکز المسؤوليات الأساسية لهذه الإدارات الفرعية في ثلاث أنشطة أساسية، هي: المواجهة: والهدف من هذا النشاط هو مساعدة الممولين الذين يعتقدون أنه من الأفضل بالنسبة لهم أن تتعامل الإدارة الضريبية معهم وجهاً لوجه عند معالجة بعض قضاياهم. ويشمل نطاق هذا النشاط الإجابة على أسئلة الممولين، وتوفير النماذج الضريبية والمنشورات، والمساعدة في إعداد الإقرارات الضريبية.[44]والنشاط الثاني هوالتعليم والتوعية: ونطاق هذا النشاط هو تطوير النماذج والمنشورات الضريبية، ومراجعتها، وتحديثها بشکل دوري، في ضوء المتغيرات التي تشهدها القوانين الضريبية، والسياسات والإجراءات الضريبية، ثم اتاحته للممولين، ومساعديهم الذين يساعدونهم في تنفيذهم لإلتزاماتهم الضريبية.[45]أما النشاط الثالث فهوالتواصل الهاتفي مع الممولين: ويتم تخصيص هذا النشاط لمعالجة الاستفسارات الهاتفية للممولين؛ للحد من تعطيل الأنشطة التشغيلية العادية سواء الخاصة بالممولين، أوبالإدارات الضريبية. ولذا أصبحت عمليات مراکز الإتصال المدعومة بتکنولوجيا الهاتف الحديثة عنصراً متزايد الأهمية في تقديم الخدمات الضريبية للممولين في الآونة الحالية.[46] - مواصفات العاملين في إدارات مساعدة الممولين: ونظراً لأهمية المهام المنوط بوحدات مساعدة الممولين الإطلاع بها، فإن العاملين بهذه الإدارات يکونون من أکثر رجال الإدارة الضريبية إتصالاً بالممولين، بل وأکثرهم تفاعلاً مع عامة الناس. ولذا فإنهم يمثلون، في الواقع، الوجه العام للإدارة الضريبية.[47] لذلک تحرص مختلف الإدارات الضريبية حول العالم علي أن يتوافر لهؤلاء العاملين مهارات جيدة في التواصل الشخصي مع الغير؛ حتي تکون لديهم القدرة علي مساعدة جمهور الممولين على دفع الضرائب المستحقة، وتتوافر لهم القدرة على الاستماع بفاعلية، والقدرة على الحفاظ على الهدوء عند مواجهة إنفعالات الممولين.[48] - أثر غياب المواصفات السابقة أن خطأ إدارة مساعدة الممولين يتحمله الممول: ذلک أنه إذا أخطأت الإدارة المنوط بها مساعدة الممولين، وترتب علي خطئها إستحقاق ضرائب إضافية علي الممول، فإن الإدارة الضريبية لا تتواني عن مطالبته (الممول) بالضريبة المستحقة طبقاً للقانون، وهکذا يمکن أن تتم معاقبة الممولين لاعتمادهم على نصيحة غير صحيحة مقدمة من الإدارة الضريبية. إذ يتجه القضاء في الولايات المتحدة الأمريکية، على سبيل المثال، إلي أن المعلومات غير الصحيحة المقدمة من موظفي دائرة الإيرادات الداخلية (IRS) غير ملزمة لها ، وأن الممولين هم المسؤولون في النهاية عن أي ضرائب قد تکون مستحقة عليهم طبقاً للقانون[49]، - أهمية إدارات مساعدة الممولين: ومن الأهمية بمکان أن تستهدف الإدارة الضريبية - من خلال إدارات مساعدة الممولين – حث الممولين علي الإمتثال الضريبي أکثر من إهتمامها بالتدابير الموجهة للممولين غير الممتثلين. ومما يؤکد ذلک أن معظم الدراسات التي أجريت علي سلوک الممولين في جميع أنحاء العالم تشير إلى أن الخدمات التي تقدمها الإدارات الضريبية للممولين، والتي تسهل إعداد الإقرارات الضريبية وتقديمها ودفع الضرائب المستحقة، أو التي تهتم بنشر التعليم أو المعلومات بين المواطنين حول التزاماتهم بموجب القوانين الضريبية، تشکل وسيلة أکثر فاعلية من حيث التکلفة لتأمين الإمتثال من التدابير المصممة لمواجهة حالات عدم الإمتثال.[50]
- الإتجاهات العامة في إدارات خدمات الممولين: [51]يعتبر فهم التوازن المناسب لتوزيع الموارد بين إنفاذ أحکام القانون من جهة وبين آداء الخدمات للممولين لتوعيتهم بأحکام هذا القانون من جهة أخري بمثابة أداة حاسمة في تحقيق الإمتثال الضريبي، کتدبير عام لتحسين الإمتثال الطوعي.[52] کما أن التعامل مع الممولين کعملاء لهم حقوق مقننة في شکل مواثيق، وما إلى ذلک، وتعميمها يجعل من المناسب أن تعمل الإدارات الحکومية معاً لتوفير خدمات منسقة للممولين.[53] وکذا فإنه من الأهمية بمکان إستخدام تقنيات التسوق الحديثة على نطاق واسع للتأثير على سلوک الممولين، باعتبار أن الممولين کالعملاء يجب الإهتمام بدراسة سلوکهم ليسهل علي رجال الإدارة الضريبية التعامل معهم.[54] ويجب مراعاة أن يکون العاملون المنوط بهم تقديم الخدمات للممولين مؤهلين تأهيلاً عاليًا من حيث القدرة على تلبية توقعات الممولين ومساعديهم.[55] - الطرق التقليدية لتقديم الخدمات للممولين وأهمية تطويرها: کما سبق أن أوضحنا فإن الطرق التقليدية التي يتم استخدامها لتقديم الخدمات الضريبية للممولين تشمل: تخصيص مراکز بالإدارة الضريبية لاستعلام الممولين، والهاتف، والمکاتبات. کما تشمل کذلک: إفساح المجال أمام الوسائط والخدمات الإلکترونية. وتعد الخدمة الذاتية عبر الإنترنت أرخص وأسهل الطرق التي يمکن استخدامها في هذا المجال بالمقارنة بالمقابلات المباشرة والاستفسارات الهاتفية.[56] ويجب علي الإدارة الضريبية مراعاة الالتزام بالمعايير المناسبة للممولين عند تقديم الخدمات لهم مثل تحديد الأوقات القصوى لإنتظار الممولين للاستجابة لطلباتهم للمعلومات على سبيل المثال.[57] کما يجب تحديث الأدوات الإرشادية بانتظام لتعکس التغييرات في القانون الضريبي وفي الإجراءات الإدارية، والقيام بمبادرات لزيادة الوعي لدي الممولين. وإدخال تدابير لتخفيض تکاليف الإمتثال بالنسبة للممولين مثل: السماح لصغار التجار بالإحتفاظ بسجلات ودفاتر محاسبية مبسطة، وإصدار فواتير ضريبية مبسطة، وتقديم الإقرارات الضريبية السلبية عبر الهاتف، وکذا عبر الإنترنت.[58] - أهمية تفعيل دور الإنترنت لخدمة الممولين: لتوفير مشورة أکثر اتساقًا وأکثر فائدة للممولين، وکذا لتعظيم موارد الإدراة الضريبية، يتمثل الإتجاه الدولي عند تقديم الخدمات للممولين في الترکيز على قنوات الخدمة الذاتية مثل: الخدمات المقدمة عبر شبکة الإنترنت، والمساعدة الضريبية عبر الهاتف التفاعلي. وهذه الخدمات توجه الممولين من خلال سلسلة من المطالبات لمجموعة من الخدمات بما في ذلک التسجيل الإلکتروني، وأرصدة الحسابات ... الخ. - معايير قياس نجاح الخدمات المقدمة للممولين:[59]بمجرد تنفيذ الإدارة الضريبية لبرنامج خدمة الممولين، فإن مؤشرات الأداء تساعد على تحديد وقياس التقدم نحو الأهداف والغايات المحددة. وتدور مقاييس أداء خدمات الممولين بشکل عام حول مستوى الخدمة المقدمة من حيث التوقيت والجودة.[60] وتشير الدراسات المقارنة ببلدان منظمة التعاون الإقتصادي والتنمية لعام2010 إلي أن أنشطة الأداء المشترکة للإدارات الضريبية بهذه البلدان لکي تتم طبقاً للمعايير القياسية الدولية تستوجب تقليل الوقت الذي يتم إستغراقه لآداء الخدمات الضريبية وفقًا لما يلي:[61] 1- الرد على المراسلات الإلکترونية أو الورقية يستغرق مدة من 15 إلي 30 يوماً. 2- التعامل مع الاستفسارات المباشرة (وجهاً لوجه) يستغرق مدة من 10 إلي 15 دقيقة. 3- الرد على الاستفسارات الهاتفية لا يتجاوز 25 دقيقة. 4- حل شکاوى الممولين في حدود من 15 إلي 30 يوماً...إلخ. المطلب الثالث تطبيقات لإدارات مساعدة الممولين في النظم الضريبية المقارنة
إذا ألقينا الضوء علي بعض النظم المقارنة التي تتبني إنشاء إدارات خاصة لمساعدة الممولين علي الإمتثال الضريبي نجد أنها تحقق نجاحات کبيرة في مهامها. ونتعرض هنا بإيجاز لطبيعة الدور الذي تقدمه إدارات مساعدة الممولين في عدة بلدان متفرقة في هذ الميدان: - إدارة مساعدة الممولين في السويد:[62] تؤکد الإحصاءات الرسمية التي تم إجراؤها في السويد عام 2011 أن السويديين Swedes يثقون في مصلحة الضرائب السويدية بدرجة أعلى من أي جهة إدارية أخري هناک. وأن 62٪ من المواطنين و 68٪ من الشرکات يثقون في الطريقة التي تتعامل بها الإدارة الضريبية مع واجباتها. کما أن 96٪ من الزائرين للإدارة الضريبية و 97٪ من المتصلين أکدوا أن الإدارة الضريبية هناک تعاملهم باحترام.[63] وقد أکدت الإدارة الضريبية في السويد أن الأسباب الرئيسة وراء ذلک عديدة، ويأتي علي رأسها تفهمها أن خدماتها لا ينبغي أن تبنى على رؤيتها الداخلية للواقع، لأن ما يعتقد موظفوها أن مايقدمونه للممولين يعد خدمة جيدة، أو فعالة قد لا ينظر إليه علي أنه کذلک من منظور الممولين.[64] - خيارات الخدمة الذاتية للممولين في الولايات المتحدة[65]: يوفر نظام USS IRS الذي تطبقه الإدارة الضريبية في الولايات المتحدة الأمريکية عددًا من خيارات الخدمة الذاتية للممولين. من خلال بوابة IRS الإلکترونية، ويستطيع الممولون هناک، وبدون أي تدخل من موظفي الإدارة الضريبية، إستخدام وظيفة البوابة: "Where's My Refund?" للتحقق من حالة المبالغ المستحقة الرد الخاصة بهم، والتاريخ المحدد لإسترداد هذه المبالغ. کما يمکن للممولين هناک استخدم وظيفة "الملفات المجانية"، التي يحتفظ بها مزوّد الملفات الإلکتروني المعتمد من مصلحة الضرائب، والنماذج الإلکترونية القابلة للتعبئة لتقديمها، ودفعها إلکترونيًا. ويستطيع الممولون کذلک دفع المبالغ الضريبية المستحقة عبر شبکة الإنترنت، أو عبر الهاتف من خلال نظام الدفع الإلکتروني الفيدرالي التابع لوزارة الخزانة الأمريکية. - موقف إدارات مساعدة الممولين في أمريکا اللاتينية ومنطقة الکاريبي:[66]بدأت جميع بلدان أمريکا اللاتينية والبحر الکاريبي Latin America and the Caribbean(LAC) تقريبًا في وضع برنامج لخدمة الممولين يتم تنفيذه من خلال إدارات مساعدة الممولين. فعلى سبيل المثال، تقوم إدارة الضرائب في بيرو Peru's tax administrationبجهود مستمرة لتوعية وتعليم الممولين، وإطلاعهم على حقوقهم والتزاماتهم الضريبية کوسيلة لتسهيل الإمتثال الطوعي. کما أن کوستاريکا Costa Rica اعتمدت منهجاً مماثلاً من خلال مشروع قانون الإصلاح الضريبي هناک، وأدرجت به عملية الإيداع المتکامل، بالاشتراک مع الإدارات الحکومية الأخرى للممولين الذين يسجلون مشروعاً ما. ووضعت بوليفيا Bolivia سلسلة من الکتيبات لبرامج التوعية. وقامت شيلي Chile بإستخدام مکثف لتکنولوجيا المعلومات لتسهيل مساعدة الممولين. وزاد الإعتماد في عدد من البلدان على البوابات الإلکترونية لتوفير الخدمات، و ومن ثم لبث الثقة لدي الممولين في الإدارة الضريبية، کما يحدث في الأرجنتين وشيلي والمکسيک.[67] - تجربة شيلي في مجال تقديم الخدمات للممولين:[68]فازت الإدارة الضريبية لدولة شيلي " Chile"وتسمي: Servicio de Impuestos Internos (SII) في عام 2003بجائزة الأمم المتحدة للممارسات الجيدة والإبتکارات في الإدارة العامة، في مجال إدارة المنظومة الضريبية عبر شبکة الإنترنت، وساعد هذا في جعل الإمتثال الضريبي في شيلي أکثر سهولة، وأقل تکلفة بالنسبة للممولين. کما فاز الموقع الإلکتروني الذي أنشأته الإدارة الضريبية في شيلي لتقديم الخدمات للممولين بالعديد من الجوائز الأخرى، مثل "جائزة الابتکار التکنولوجي" من جمعية شيلي لتکنولوجيا المعلومات، وجائزة الإدارة المبتکرة من الحکومة التشيلية، وجائزة أفضل موقع إلکتروني للمؤسسات العامة في البلاد.[69] وقد أظهرت بيانات الاستقصاء التي أجريت علي 155 مليون زائر لموقع الإدارة الضريبية علي شبکة الإنترنت سنويًا الأثر الإيجابي (الإستراتيجي) لهذا الموقع علي المجتمع الضريبي في شيلي.[70] ويؤدي الموقع الإلکتروني للإدارة الضريبية في شيلي وظيفتين رئيستين الأولي: هي تمکين الممولين من التواصل المباشر مع الإدارة الضريبية عبر شبکة الإنترنت. والثانية: هي اعتبار الموقع بمثابة قناة لتوفير مجموعة من المعلومات الضريبية التي يتم تبويبها في مجموعات مختلفة. وتتمحور المناهج المستخدمة لتعزيز تقديم الخدمات في هذه البلدان بصفةٍ عامةٍ LAC في المجالات الرئيسة التالية: أولا: ﺧدﻣﺎت اﻟﻣﻌﻟوﻣﺎت[71]:Information servicesوﺗﺗﺿﻣن اﻷدوات اﻷﮐﺛر ﺷﯾوﻋﺎً التي يتم استخدامها في تقديم خدمات المعلومات الضريبية للممولين في اﻟﺣﻣﻼت الإعلانية، واﻟﮐﺗﯾﺑﺎت اﻹﻋﻼﻣﯾﺔ، واﻟرﺳﺎﺋل واﻟﮐﺗﯾﺑﺎت اﻟﻌﻣﻟﯾﺔ، واﻟﺗﻌﻟﯾﻣﺎت، والإرشادات. ثانيا: خدمات المساعدة [72]Assistance services: وتعتبر الإتصالات الهاتفية والمواجهات المباشرة بين الممولين والإدارة الضريبية face-to-face channels هي الطرق الأساسية المتاحة للممولين في هذه البلدان، لتسهيل امتثالهم للإلتزامات الضريبية من خلال المساعدة في إعداد الإقرارات الضريبية، والتفسيرات المتعلقة بالجوانب التقنية للقانون، ومعلومات عن المتطلبات الإجرائية ...إلخ. ثالثا: تکنولوجيا المعلومات[73]Information Technology: تشهد دول أمريکا اللاتينية ومنطقة الکاريبي جهوداً متزايدة لتوفير خدمات الممولين على شبکة الإنترنت. وتشمل الخدمات المتوفرة عبر الإنترنت کلاً من الاستخدامات العامة والمقيدة للمعلومات. فمن خلال الاستخدامات العام للمعلومات يمکن لأي ممول الوصول إلى المعلومات العامة، مثل النماذج، والکتيبات، والأسئلة المتکررة، وما إلى ذلک. ومن خلال الاستخدامات المقيدة للمعلومات يتم السماح للممولين بالدخول إلي شبکة الإنترنت من خلال تسجيل الدخول الآمن لتقديم الإقرارات الضريبية، ودفع المبالغ المستحقة طبقاً لهذه الإقرارات، وما إلى ذلک. الفصل الثانيالمراقبة الفعالةللممولين ضرورة لتحقيق الإمتثال الضريبي
يمکن للإدارة الضريبية فرض الإمتثال الضريبي علي الممولين من خلال المراقبة الفعالة لتنفيذهم لإلتزاماتهم (المبحث الأول)، وإجبارهم علي الإمتثال الضريبي ( المبحث الثاني). المبحث الأول آليات المراقبة الفعالة للممولين ودورها في تحقيق الإمتثال الضريبي نتعرف علي أهم هذه الآليات في المطلبين التاليين. المطلب الأول المهام الإعتيادية للإدارة الضريبية وجدواها في تحقيق الإمتثال الضريبي
لا تخرج الجهود الإعتيادية التي تمارسها الإدارة الضريبية من أجل تنمية الإمتثال الضريبي للممولين عن أحد وجهين، أولهما: اعتماد برامج للإفصاح الطوعي: ويمکن التمييز بين برامج الإفصاح الطوعي وبين ما يشار إليه أحيانا باسم برامج العفو الضريبي. فعلى الرغم من أن هذين المصطلحين غالبا ما يستخدمان بالتبادل في وسائل الإعلام وأماکن أخرى ببلدان کثيرة، إلا أن العفو الضريبي - على خلاف الإفصاح الطوعي- عادة ما يتضمن تقديم حوافز للممولين في شکل تخفيض، أو تنازل من الإدارة الضريبية عن مطالبة الممولين بالمسئولية الضريبية الأساسية، إلى جانب بعض التنازلات الأخرى.[74] وثانيهما: الفحص إذ :الضريبي تظل فاعلية أعمال الفحص Audit effectiveness تلعب دوراً هاماً، ورئيساً في معالجة حالات عدم الإمتثال الضريبي على نطاق واسع في البلدان النامية. ويري البعض (Umar, 2017) أن الاهتمام بتفعيل عمليات فحص ملفات الممولين تفرز إحتمالية المراجعة، وإحتمالية الکشف عن حالات عدم الإمتثال. وتبقي فاعلية العقوبات محدداً هاماً لنجاح أعمال الفحص.[75] - دور الفحص في مکافحة التهرب الضريبي الدولي: سبق أن رأينا أن الفحص اللاحق لإقرارات الممولين قد يسفر عن إستحقاق فروق ضريبية عليهم، وقد تحدث هذه الفروق الضريبية بسبب تعمد الممول التهرب من الضريبة المستحقة. وقد تحدث بسبب خطأ منه. وقد يحدث هذا الخطأ بتقصير من الغير، وقد تقصر الإدارة الضريبية ذاتها في توعية الممول بالتزاماته الضريبية فيقع الخطأ منه بسبب ذلک. ولذا غالبا ما تثور مشکلة الإختيار بين تشغيل نظام ضريبي بمستوى عالٍ من الدقة ولکن بتکلفة إدارية أکبر، بما يسمح بتبني نظام فعال لتقديم الخدمات الکافية للممولين، وآخر أقل تکلفة ولکن أکثر شدة. المطلب الثاني إتساع صلاحيات الإدارة الضريبية ضرورة لتنمية الإمتثال الضريبي
تلتزم الإدارات الضريبية حول العالم بمجموعة رسمية من الحقوق للممولين. وأن تتخذ نطاقًا معينًا من الإجراءات لضمان الإمتثال. وتقع هذه الإجراءات في مجموعتين من الأنشطة:[76] (1) أنشطة التحقق verification activities: مثل عمليات فحص الحسابات الضريبية، ومطابقة الدخول الخاضعة للضريبة الواردة بإقرارات الممولين مع مصادر معلومات الغير الذي يتعامل معه الممولون، علي النحو السالف تناوله حالاً. (2) المبادرات الإستباقية proactive initiative: مثل تقديم المساعدة للممولين وتعليمهم، وقد سبق التعرض لها في الفصل الأول. - أهمية تبني إقرار ضريبي مبسط لتنمية الإمتثال الضريبي: إذ من الأهمية بمکان أن يتبني النظام الضريبي إقراراً ضريبياً بسيطاً للغاية، حتي يزيل أي عقبة يمکن أن تقف حجر عثرة في طريق الممولين راغبي الإمتثال. وهذا ما تفطن إليه الإدارات الضريبية في النظم الضريبية للبلدان المتقدمة. ففي المملکة المتحدة علي سبيل المثال نجد أن ممولي ضريبة الدخل من الأشخاص الطبيعيين الذين يبلغ إجمالي رقم أعمالهم السنوي 15000 دولار أو أقل sole proprietors with turnovers of £15,000 or less يمکنهم اختيار تقديم إقرار مبسط "easy" يشتمل علي مربعين فحسب، بحيث يضعون إجمالي دخلهم في المربع الأول، ونفقاتهم الکلية القابلة للخصم في المربع الثاني، ويکون الفارق بين المبلغين هو الدخل الصافي الخاضع للضريبة.[77] - أهمية اعتماد منهج الإمتثال التعاوني لإدارة مخاطر الإقرارات الضريبية غير الدقيقة: إذ أن إعتماد منهج الإمتثال التعاوني لإدارة مخاطر الإقرارات الضريبية غير الدقيقة ينطوي على بناء الإدارة الضريبية لعلاقتها بالممولين على أساس من الثقة المتبادلة، أو التعاونية بينها وبينهم وعادةً ما تستند ترتيبات الإمتثال التعاوني إلى أمور يُناط تنفيذها بالممولين، وأخري يُناط بالإدارة الضريبية القيام بها: فبالنسبة للممولين، يجب عليهم مراعاة مايلي: [78] (أ) إتباع منهج الإدارة الرشيدة لشؤونهم الضريبية، بما في ذلک إنتهاج مستوى مناسب من المصادقة، واستعراض نظم المحاسبة الخاصة بهم.(ب) الإستعداد للعمل بطريقة منفتحة، وشفافة، للإفصاح عن المخاطر الضريبية عند حدوثه. وأما بالنسبة للإدارة الضريبية، فيجب عليها تقديم خدمات معززة للممولين – عند ممارسة أنشطة الفحص- من خلال عدة طرق، منها على سبيل المثال:[79](أ) تحديد نقاط مخصصة للإتصال مع الممولين، بما في ذلک إستخدام منهج إدارة العلاقات مع العملاء. (ب) سرعة إتخاذ الإجراءات الفنية والإدارية. (جـ) التنازل عن الفروق الضريبية المنخفضة، أو اليسيرة التي يمکن أن يسفر عنها الفحص اللاحق لإقرارات الممولين. (د) تخفيض العقوبات. - أهمية تمکين الإدارة الضريبية من الوصول للمعلومات الکافية عن الأنشطة الضريبية: نظراً لأهمية منح الإدارة الضريبية الصلاحيات الکاملة للحصول على المعلومات المطلوبة، المتعلقة بحسابات الممولين بالکفاءة والفعالية المناسبتين؛ للتحقق من سلامتها بما يؤدي في النهاية إلي سلاسة النظام الضريبي، فلذا، وتحقيقاً لهذه الغاية، تشمل القوانين الضريبية عادةً الأحکام التي تمکن رجال الإدارة الضريبية من الحصول على هذه المعلومات سواء من الممولين أنفسهم، أو من سواهم ممن يتعاملون مع الممولين، وإلزام الممولين بإمساک ما يکفي من الدفاتر والسجلات لتحقيق ذلک. [80] - أهمية تطبيق برامج فحص فعالة لملفات الممولين: حتي يُحمل الممولون علي الصدق في تعاملاتهم مع الإدارة الضريبية، وتکون إقراراتهم الضريبية معبرة عن حقيقة تعاملاتهم الضريبية فيجب علي الإدارة الضريبية تطبيق برامج فحص فعالة، تشعرهم بقسوة العقوبات المترتبة علي عدم سلامة هذه الإقرارات. ذلک أن تنفيذ برنامج فعال لأنشطة الفحص له تأثير أوسع بکثير من مجرد زيادة الإيرادات الضريبية من خلال الکشف عن التناقضات في الإقرارات الضريبية؛ ليهدف إلى تحسين دقة هذه الإقرارات، بما يؤثر بفاعلية في القضاء علي مخاطر عدم الإمتثال، وبناء القدرة على الفحص المنتظم للمعلومات والبيانات التي يقدمها المتعاملون مع الممولين third party information مثل البنوک، وبورصات الأوراق المالية، والإدارات الحکومية مع المبالغ المبلغ عنها في الإقرارات الضريبية، ودعم عمليات الفحص بنظام لتکنولوجيا المعلومات يوفر تغطية موحدة لتاريخ إمتثال الممولين مع جميع الضرائب الأساسية. - أهمية اختيار عقوبات فاعلة لحالات عدم الإمتثال: فقد ثبت أن تطبيق عقوبة السجن ليس مکلفاً فحسب، بل أنه يمنع الممول المتهرب کذلک من المساهمة في النشاط الاقتصادي. فکأن تطبيق هذه العقوبة يؤدي إلي خسارة مزدوجة إبتداءً وانتهاءً. ومن هنا يتجه الفکر المالي والضريبي إلي أن يستبدل بهذه العقوبة غرامات مالية.[81] - أهمية الجمع بين صرامة العقوبة وتيسير تطبيقها لتحقيق الإمتثال: إذ أنه يجب مراعاة عدم الإفراط في تشديد العقوبة حتي لا تفقد دورها في نفوس الممولين کما سلف البيان. ذلک أن النظام القاسي المفرط للعقاب يؤدي إلى نتائج عکسية في ضمان إمتثال بعض الممولين. ولذا دار نقاش هام بين مسؤولي إدارة الإيرادات الداخلية في الولايات المتحدة (IRD) في مجلة المحاسبين وفي منتديات أخرى حول ادعاءات إستخدام IRD النظام الصارم وغير المتسق لعقاب الممولين علي أنواع کثيرة من السلوک. وأقر المسؤولون الضريبيون إدراکهم لمخاطر قسوة العقوبات علي الإمتثال الضريبي. ومن هنا کانت هناک خطوات من الإدارة الضريبية في الولايات المتحدة الأمريکية (IRD) لتحسين الموقف بتبني إجراءات جديدة ميسرة لتسوية المنازعات الضريبية مع الممولين.[82] المبحث الثاني تطوير الإدارة الضريبية ضرورة لتحقيق الإمتثال الضريبي
لکي تکون هناک إدارة ضريبية قادرة علي إنفاذ القانون الضريبي علي نحوٍ فعالٍ فلابد من تطويرها بصفة مستمرة، کما يجب تبسيط النظام الضريبي، الذي يناط بها إدارته بما يتوافق مع قدراتها، علي النحو الذي نتناوله في المطلبين التاليين: المطلب الأول ضرورة تطوير الإدارة الضريبية لنجاح أي إصلاح ضريبي
تتکون المهام الأساسية للإدارة الضريبية في أي نظام ضريبي من ثلاثة أنشطة متميزة (رغم أنها متصلة)، وهي: أولا: تحديد هوية الممولidentification :، وثانيا: تقدير الضريبة المستحقة عليه: assessment، وثالثا: تحصيل هذه الضريبة: collection. وذلک بالإضافة إلي أهمية مراقبة الإدارة الضريبية للمتعاملين الآخرين مع الممولين: third parties الذين ينص عليهم القانون الضريبي، ويلزمهم بتقديم تقارير عن تعاملاتهم مع الممولين، أو بحجز الضرائب المستحقة عن هذه التعاملات علي الممولين حتي لا يهمل الممولون في تنفيذ التزاماتهم.[83] والوظيفة الأساسية للإدارة الضريبية هي مراقبة الإمتثال، وتطبيق العقوبات المقررة علي الممولين غير الممتثلين. ومن المؤکد أنه حتى مع أفضل تنظيم وأفضل جهد، فلا يمکن لأي إدارة ضريبية الکشف عن کل الممولين غير الممتثلين.[84] -خصائص الإدارة الضريبية الجيدة: إنتهي "منتدى لجنة الشئون المالية لمنظمة التعاون الإقتصادي والتنمية" (OECD) CFA (Committee of Fiscal Affairs Forum) في مايو 2001حول الإدارة الإستراتيجية ومبادئ الإدارة الضريبية المثلي إلي وضع تصور عام لخصائص الإدارة الضريبية الجيدة، والتي يمکن الترويج لها من قبل المنظمات الدولية، واستخدامها کدليل عند تقديم المساعدة للبلدان الأخرى.[85] ووفقاً للنتائج التي أسفر عنها هذا المنتدي، فإن کل إدارة ضريبية تواجه بيئة متنوعة تقوم في محيطها بإدارة نظامها الضريبي. وتختلف اختصاصات کل إدارة منها بحسب اختلاف هذه البيئة من حيث النواحي التشريعية، والممارسات الإدارية والثقافية المحيطة بها. ومن غير العملي، ومن غير المفيد أيضاً – في ضوء ذلک- وضع منهج قياسي للإدارة الضريبية المثلي التي تصلح في کل البلدان. - أهمية اعتبار الإدارة الضريبية جزءاً من السياسة الضريبية: ينبغي النظر إلي قضية إصلاح وتطوير الإدارة الضريبية علي أنها من القضايا الهامة التي يجب أن تشغل بال الحکومات، والمهتمين بالإصلاح الضريبي من الدارسين والباحثين، نظراً للأهمية المحورية للدور الذي تلعبه الإدارة الضريبية في ربط الضريبة وتحصيلها، وجعل کل تطوير في النظام الضريبي المعني واقعاً ملموساً. إذ لا إصلاح لنظام ضريبي مهما کان دون إصلاح للإدارة الضريبية، من حيث التنظيم المؤسسي وقواعد العمل فيها، وإصلاح المؤسسة ذاتها، وتحديثها والارتقاء بمستوى الأداء فيها من خلال اتباع سياسة مرنة في التعيين والتدريب المستمر، وربط الترقيات بمبدأ الثواب والعقاب. هذا فضلاً عن إستخدام أکبر التجهيزات حداثةً وتقدماً.[86] - منهج التشريعات المقارنة في تطوير الإدارة الضريبية:
وتتبني النظم الضريبية المقارنة إحدي طريقتين للإصلاح الضريبي بها، بما في ذلک إصلاح الإدارة الضريبية، ورفع کفاءتها: الطريقة الأولي: تغيير جميع السياسات الضريبية مرة واحدة: "Big Bang" approach والطريقة الثانية: التغيير التدريجي في السياسات الضريبية:[87] a „wait and see‟ approach ففي جاميکا علي سبيل المثال، نُظِر إلي الاصلاح الضريبي سنة 1986علي أنه ضروري للغاية بسبب تشوه النظام الضريبي هناک، حيث ساد عدم التفرقة في الأسعار الضريبية بين الأفراد والشرکات، ووصلت بعض الأسعار الضريبية إلي 40%. [88] وسمح التشريع الضريبي بعدد کبير من المزايا الإضافية غير الخاضعة للضريبة، وارتفعت أسعار الضريبة بشکل کبير، مما جعلها عائقاً للإنتاجية والإستثمارات. [89] ومع أول يناير من ذلک العام (1986) بدأت جاميکا الإصلاح الضريبي باتباع الطريقة الأولي"Big Bang" approach" حيث استبدلت بالسعر الثابت للضريبة بالنسبة للأفراد والشرکات وکانت نسبته 33.33٪ هيکل السعر التصاعدي. ثم خفضت سعر الضريبة في وقت لاحق إلى 25 ٪ بالنسبة للأفراد، وفرضت الضريبة علي کثير من الدخول التي لم تکن خاضعة لها من قبل، مع إقرارها لبعض الاستثناءات القليلة، وأصبح الإيراد الناشئ عن العمل الإضافي خاضعاً للضريبة، کما تم إخضاع الفوائد فوق مستوى معين للضريبة.[90] ولم تشمل إصلاحات سنة 1986م. ضريبة الاستهلاک هناک، حيث تأخر تطبيقها إلي سنة 1991. وبعد عشرين عاما من تطبيق هذه الضريبة، أيقن النظام الضريبي في جاميکا سنة 2011 بفاعلية ضريبة الاستهلاک وبکونها تحقق أعلي معدل للإمتثال الضريبي.[91] - التغيرات السياسية ودورها في تطوير الإدارة الضريبية: قد يکون من المقبول لبلدٍ ما أن يکتفي بإدارته الضريبية مع بها من أوجه قصور عندما لا تکون هناک إلتزامات خارجية لهذا البلد. ولکن عندما تتواجد مثل هذه الإلتزامات يکون لزاماً عليه تطوير إدارته الضريبية بما يساعدها علي تنفيذ هذه الإلتزامات. فعلي سبيل المثال، عندما إنضمت جمهورية الجبل الأسود إلي عضوية الاتحاد الأوربي، کان من الواجب عليها تطوير أجهزتها الإدارية لتتواءم مع الإلتزامات الجديدة الناشئة عن عملية الإنضمام. - توحيد الإدارة الضريبية ودوره في تنمية الإمتثال الضريبي: الغالب أن يسند البلد المعني أمر إدارة نظامه الضريبي إلي عدة إدارات مختلفة يُناط بکل منها إدارة نوع معين من أنواع الضرائب. إذيتم تحصيل معظم الضرائب في البلدان النامية والإنتقالية علي سبيل المثال من بعض المؤسسات والادارات الحکومية ذات الصلة مثل: مصلحة الجمارک: بخصوص ضريبة القيمة المضافة، والرسوم الجمرکية، والضريبة الجمرکية على الواردات. ووکالات الضمان الاجتماعي: بخصوص مساهمات الضمان الاجتماعي، وضريبة الدخل الشخصي PIT على التحويلات. والحکومة نفسها: من خلال استقطاع الضريبة الدخل PIT المستحقة علي مرتبات الموظفين. والمشروعات الحکومية: من خلال حجز ضريبة القيمة المضافة، والرسوم، وضرائب الدخل على الشرکات أو المؤسسات(CIT) corporate income tax. وربما يمکن الاعتماد علي عدد قليل من الشرکات الخاصة الکبيرة: لتحصيل الضرائب المستحقة على أرباح الأسهم و فوائد السندات.[92]وهذه التدفقات المالية ربما تمثل 80٪ أو أکثر من الحصيلة الضريبية في العديد من البلدان. ولا شک أن تتبع هذه التدفقات والحفاظ عليها يساهم مساهمة حاسمة في وجود إدارة ضريبية ناجحة. - تحسين قدرات الإدارة الضريبية ضروري لتعظيم الحصيلة الضريبية: نستطيع أن نقرر أن التدخلات المثلى من قبل الإدارة الضريبية في النظام الضريبي ذي الصلة يعد إمتداداً موازياً، ومتکاملا مع السياسة الضريبية المثلي التي يتم انتهاجها في هذا النظام. وتعبر فکرة الإدارة الضريبية المثلي - في جوهرها – عن قياس مرکز لتأثير تدخل الإدارة الضريبية علي "مرونة الإيرادات الضريبية، ومدي الزيادة التي تتحقق فيها نتيجة لتحسن مستوي الإدارة الضريبية.[93] – الآليات المثلي لتطوير الإدارة الضريبية:
يري البعض أنه بالإضافة إلي وجوب أخذ البيئة الخارجية التي تتواجد فيها لإدارة الضريبية کمعطاة عند محاولات إصلاحها، فإنه من المفيد کذلک التفکير في مشکلة الإدارة الضريبة على ثلاثة مستويات، هي: مستوي الهندسة المعمارية، ومستوى الهندسة، ومستوي الإدارة.[94] ويتعلق المستوي الاول بوضع التصميم النظري للإطار القانوني العام، ويتلخص جوهره في وضع القانون الضريبي الموضوعي، ثم بيان کيفية إدارة هذا القانون من خلال مجموعة واسعة من الاجراءات القانونية الهامة.[95] وبمجرد إتمام هذه المرحلة يتم الانتقال الي المستوي التالي من خلال تحديد التصميم الهندسي الواقعي للبناء الضريبي، وهنا يتولى المهندس الضريبي وضع الهيکل التنظيمي المحدد وقواعد التشغيل للإدارة الضريبية. وأخيرا، وبعد تمام إنشاء البنية التحتية المؤسسية، يمکن للعاملين المکلفين بإدارة النظام الضريبي القيام بعملهم فعلاً. - صعوبات تطوير الإدارات الضريبية في البلدان النامية وإمکانية تلافيها: إذا کانت إدارة النظام الضريبي من المهام الصعبة بطبيعتها علي النحو سالف البيان، إلا أن هذه الصعوبة تزداد قطعاً في البلدان النامية؛ حيث التحديات أکبر من نظيراتها في البلدان المتقدمة. ونتيجة لهذه التحديات، فإن تحصيل الإيرادات الضريبية في البلدان النامية ينخفض بشکل کبير. وقد حظيت هذه القضية "تدني إيرادات الضرائب في البلدان النامية" باهتمام عالمي منذ عام 1963، عندما صدَّرNicholas Kaldor "نيکولاس کالدور" هذه القضية في بحث هام له عن الضرائب في ذلک العام.[96] وما تزال هذه القضية تحتاج لمزيد من العناية. ولذا ترکز معظم البلدان النامية ترکيزا کبيراً علي إصلاح إداراتها الضريبية من أجل تحسين حصيلتها الضريبية. ونتيجة لذلک تم إجراء إصلاحات شاملة للکثير من الإدارات الضريبية في هذه البلدان، علي مدي ما يربو علي النصف قرن، وما تزال هذه الإصلاحات مستمرة.[97] فقد أثبت " کالدور" في بحثه ذاک (عام 1963) أن ما تحققه البلدان النامية من الحصيلة الضريبية يتراوح بين 8% إلى 15% من ناتجها المحلي الإجمالي بالمقارنة بما يمثل 25% إلى30 % من الناتج المحلي بالنسبة للبلدان المتقدمة.[98] - إنتاجية الإستثمار في الإدارات الضريبية: الواقع أنه يصعب الوقوف علي معيار واضح يحدد لنا مقدار مايتم إنفاقه من البلدان المختلفة لتحديث إداراتها الضريبية. يؤکد ذلک ما يقرره البعض من أن الإستثمار ات التي تقوم بها البلدان المختلفة لتحديث إداراتها الضريبية إما أنها يتم ذکرها بطريقة غير رسمية informally أو تتم دراستها بطريقة تجريبية empiricallyدون أن يتم دمجها في التحليل الرسمي للسياسات المالية.[99] غير أنه من المؤکد أن توجه بلد ما نحو الإستثمار في تحديث ادارته الضريبية يمنحه إنتاجية مضاعفة من حيث الحصيلة الضريبية الفعلية الناتجة عن هذا الإستثمار. - إنتاجية الإستثمار في الإدارة الضريبية بالولايات المتحدة: في عام 1998، أنشأ الکونجرس الأمريکيthe US Congress حسابًا خاصًا لاستثمار تکنولوجيا المعلومات، لتمويل تحديث مصلحة الضرائب الأمريکية IRS وبمساعدة الأموال التي تم تجميعها في هذا الحساب، أطلقت مصلحة الضرائب الأمريکية في العام التالي (1999) مشروعا کبيراً "لتحديث نظم الأعمال" ‘Business Systems Modernization’، کمشروع طموح متعدد الأطراف لتحديث بنية تکنولوجيا المعلومات الخاصة بالإدارة الضريبية. وکان أحد الأعمدة الرئيسة لهذا المشروع هو تغيير نظام البيانات إلي ما يسمى بنظام الملفات الرئيسة the Master File system.. وکان قد تم تطوير هذا النظام في ستينات القرن العشرين، وبموجبه کان يتم حفظ بيانات الممولين في ملفات علي هيئة وسائط مميکنة (أشرطة) کبيرة large tape files يتم تخزينها في أحد مراکز الحاسب الآلي بمصلحة الضرائب الأمريکية بمدينة مارتينسبُرج (غرب ولاية فرجينيا) in Martinsburg (West Virginia).. وکان هذا المرکز يحتوي علي الملفات التي تتضمن المعاملات الضريبية لنحو 227 مليون ممول، من الأشخاص الطبيعيين والمعنويين، بما في ذلک کل معاملة تتم بين کل ممول ومصلحة الضرائب الأمريکية في الأربعين عاما السابقة علي إنشائه. غير أن تطبيق هذا النظام کشف عن عدة عيوب کان من أهمها طول الوقت اللازم لمعالجة بيانات الممولين.[100] لذا عملت الإدارة الضريبية في الولايات المتحدة علي إحلال مشروع " تحديث نظم الأعمال" The Business Systems Modernization محل نظام الملفات الرئيسة the Master File system بمساعدة أموال الصندوق سالف الذکر، بإستخدام ما يسمي "محرک بيانات حساب العميل" the Customer Account Data Engine (CADE)، والذي ساعد تطبيقه في التغلب علي العيوب السابقة لسلفه.[101] - أثر کفاءة الإدارة الضريبية علي التهرب الضريبي: مما لا شک فيه أن العلاقة عکسية بين کفاءة الإدارة الضريبية وبين قدرة الممولين علي التهرب من الضريبة المستحقة عليهم سواء ابتداءً، عندما يتهربون من کل التزاماتهم الضريبية احتماءً بمظلة الاقتصاد غير الرسمي، أو عند تقدمهم بإقراراتهم الضريبية، أو انتهاءً، عندما يتهربون من سداد الضريبة التي تقدرها عليهم الإدارة الضريبية طبقاً للآليات التي يضعها التشريع الضريبي. ومما يؤکد ذلک أن دراسة أجريت سنة 2015 حول أثر کفاءة الإدارة الضريبية علي التهرب الضريبي أثبتت أن البلدان التي لديها إدارات ضريبية أکثر کفاءة ينتشر بها مستوى أقل بکثير من الاقتصاد غير الرسمي grey economy على وجه التحديد، ويترتب علي ذلک قلة حالات التهرب الضريبي. - أثر کفاءة الإدارة الضريبية علي تکلفة تحصيل الضريبة المستحقة: من المؤکد أنه کلما انخفضت تکلفة تحصيل الضريبة المستحقة بالمقارنة بحصيلتها الإجمالية کان ذلک شاهداً علي نجاح ونجاعة الإدارة الضريبية. ومن الجدير بالذکر أن تکلفة تحصيل الضريبة العامة في أوروبا يبلغ نحو1% من إجمالي الحصيلة الضريبية في المتوسط، بما يعادل نحو 0.15-0.25٪ من الناتج المحلي الإجمالي. وفي سبيل سعيها لتخفيض تکلفة التحصيل، تلجأ العديد من الإدارات الضريبية في البلدان المختلفة إلي الإستعانة بمصادر خارجية لتحقيق بعض المهام، مثل: توفير خدمات تکنولوجيا المعلومات، وخدمات الدعم الإداري ...إلخ.[102] - ميکنة الإدارة الضريبية ضرورة: إذ أنه لکي يمکن تحقيق تحسن جذري للإدارة الضريبية، يستدعي الأمر إعادة تنظيم عملها وأساليبها، وتطبيق تکنولوجيا معلومات متقدمة يسهل إلى حد کبير هذا التحسن.[103]وفي دراسة حديثة حول کفاءة الإدارة الضريبية في تطبيق قانون ضريبة الدخل في الهند على سبيل المثال، تم رصد مصادفة الإدارة الضريبية لبعض المشکلات مثل: سوء إستخدام المعلومات التي يقدمها لها فرع المخابرات المرکزية، وعدم فاعلية الدراسات الاستقصائية للمشروعات التجارية، وعدم وجود نظام ملائم لوضع أرقام التسجيل المناسبة للممولين، وعدم وجود نظام ملائم للحصول علي معلومات ممن يتعاملون من الممولين، ووجود أوجه کثيرة للقصور في نظام حفظ السجلات. ومثل هذه المشکلات لا يمکن تجاوزها في معظم الحالات دون إستخدام نظم المعلومات المميکنة الملائمة. [104] المطلب الثاني أهمية تبسيط النظام الضريبي بما يتوافق مع قدرات الإدارة الضريبية - أهمية ثبات الهيکل الضريبي: من الناحية المثالية، ينبغي أن تکون معالم الهيکل الضريبي ثابتة قدر المستطاع، وليست متغيرة تتأثر برغبات واحتياجات الممولين على وجه الخصوص. صحيح أنه يجب أن يتکيف هيکل النظام الضريبي مع کل جديد يشهده واقع النشاط الإقتصادي في البلد المعني، ومع هذا فيجب لهذا الهيکل الجديد أيضاً أن يکون مستقراً بقدر الإمکان، وأن يکون شفافاً إذا أراد لنفسه النجاح في التطبيق.[105] ومن هنا يجب أن يکون کل من الممولين من جهة والعاملين بالإدارة الضريبية من جهة أخري قادرين على معرفة وفهم القانون الضريبي الواجب التطبيق، وعلي دراية بکيفية تطبيقه، وذلک بدرجة عالية من اليقين. غير أن واقع البلدان النامية والإنتقالية يشهد بأن بعضها لا يزال بعيداً عن تحقيق هذه الغاية.[106] - تعقد النظام الضريبي وأثره علي تنمية الإمتثال: بالمقابل لما سبق فإن تعقد النظام الضريبي، واستمرار هذا التعقد لفترة طويلة تکون له انعکاساته السلبية على الإدارة الضريبية حتي في البلدان المتقدمة، بما يجعلها عاجزة عن تحقيق مستويات مثالية من الإمتثال في المجتمع الضريبي.[107] ذلک أن أکثر إدارات الضرائب تطوراً لايمکنها أن تکون محملة بالمهام المستحيلة. ومن البديهي أن المخاوف تکون أکثر في البلدان النامية والبلدان التي تمر اقتصاداتها بمراحل إنتقالية؛ حيث تکون الادارات الضريبية أقل تجهيزًا، مما يستلزمبذل جهود کبيرة من المسؤولين لمعالجتها، خاصةً وأنهم غالبا ما يواجهون في هذه البلدان بيئة معلوماتية فقيرة.[108] - تبسيط الاجراءات الضريبية وأثره علي تکاليف الإمتثال: مما لا شک فيه أن الممول يکون أکثر مقاومة للضريبة عندما ترتفع تکاليف امتثاله لها، فکلما زادت الإجراءات بما في ذلک الإحتفاظ بالدفاتر والسجلات کان الممول أکثر مقاومةً للإمتثال لأحکام القانون الضريبي، وکلما کثر الفساد، کما هو الحال في الضريبة علي القيمة المضافة المفروضة علي البنزين في الهند، وإن کانت تکاليف الإمتثال لهذه الضريبة منخفضة بالمقارنة بغيرها من الضرائب الأخري.[109] - جدوي تضمين التشريعات الضريبية إغراءات شعبية لتحقيق الإمتثال: يري البعض أن هناک بعض الإغراءات البسيطة والقليلة التکلفة في آن واحد "للقيام بعمل أفضل" في خصوص الإدارة الضريبية. ومع هذا يبدو أنها لا تأتي بسهولة إلى عقول مصممي السياسات الذکية لحل مشاکل إدارة النظم الضريبية.[110] من هذه الإغراءات على سبيل المثال أوراق اليانصيب. غير أن الخبراء انتقدوا هذه الطريقة منذ فترة طويلة لکونها مکلفة ومشکوک في فعاليتها.[111]
- تعقد النظام الضريبي وأثره علي نشأة التخطيط الضريبي الضار: يري البعض أن تعقد التشريعات الضريبية، وعدم بساطتها، وغياب سياسة ضريبية واضحة جميعها أمور تؤدي إلي عدم ترابط أوصال النصوص الضريبية، وعدم تناسقها بما يسمح بوجود مايعرف "بالتخطيط الضريبي الضار".[112] ويتحقق التخطيط الضريبي الضار عند أنصار هذا الرأي عندما يلجأ ممارسو الأنشطة التجارية إلي دراسة التشريعات الضريبية السارية بعناية شديدة، من أجل الوقوف علي الأنشطة التي تبعد عن نطاق الخضوع للضريبة ثم الإتجاه إلي ممارستها؛ بقصد تجنب سريان الضريبة عليها. إذ يسمح لهم مثل هذا الوضع بتخطيط أنشطتهم بما يؤول بهم إلي ممارسة أنشطة غير ضريبية، ومن ثم بما يخفف عن منشآتهم العبء الضريبي الکلي.[113] - موقف مصر من هذه القضية: إيماناً منها بأهمية تبسيط نظامها الضريبي لتنمية الإمتثال الطوعي بين الممولين، تسعي مصر منذ فترة ليست بالقريبة إلي إجراء إصلاحات جذرية للمنظومة الضريبية سواء علي صعيد التشريعات الضريبية أوفي خصوص الإدارة الضريبية.[114] وفيما يتعلق بخطتها لإصلاح المنظومة التشريعية للنظام الضريبي المصري، تقود الدولة المصرية مِقوَد الإصلاح في هذا المجال من خلال طريقين متوازيين، أولهما يبتغي توحيد الإجراءات الضريبية في کل من الضريبة على القيمة المضافة، وضريبة الدخل، وغيرها من الضرائب العامة ذات الطبيعة الشبيهة بهما، من خلال إعداد مشروع قانون للإجراءات الضريبية الموحدة يساير ما هو معمول به فى العالم، يهدف الي الموازنة بين حقوق الممولين والتزاماتهم من جهة، ويحمي الإدارة الضريبية والعاملين بها في مواجهة الممولين من جهة ثانية.[115] ويتضمن، من جهة ثالثة، إحياءً لدور المجلس الأعلى للضرائب بحيث يتولى ذلک المجلس ليس فقط إبداء الرأى حول مشروعات القوانين المقترحة وإنما لإيجاد تمثيل للدفاع عن حقوق الممولين.[116] والثاني يبتغي إجراء إصلاح شامل للقوانين الضريبية الأساسية، وبخاصةٍ قانوني ضريبة الدخل، والضريبة علي القيمة المضافة لإنهاء حالة اللايقين التي تشهدها معظم نصوصهما؛ بسبب التعديلات المتلاحقة لأحکامهما في السنوات الأخيرة. وهکذا تسير مصر في رکاب النظم الضريبية المعاصرة من حيث تطوير تشريعاتها الضريبية الموضوعية والإجرائية معاً، وتبسيطها بما يساهم في تيسيير مهمة إدارتها بمعرفة الإدارة الضريبية. الخـاتمــة
وهکذا يثبت لنا من خلال هذا البحث أن الإمتثال الضريبي يتحقق بصورة مثلي عندما يمتثل الممولون للقانون الضريبي، وکذا للإدارة الضريبية، بما يقلل الفجوة بين الضريبة المستحقة عليهم في فترة زمنية معينة، وبين ما يقومون بدفعه منها طواعية للإدارة الضريبية، وسواء تحقق هذا الإمتثال طوعاً؛ بالإرادة الحرة للممولين، أو قسراً؛ أي جبراً عنهم، أو بمزيجٍ من هذين الأمرين؛ أي إتقاءً للعقوبات التي يرصدها التشريع الضريبي. وکشف البحث عن أولوية الإجراءات التي تشجع الممولين علي الإمتثال طوعاً للتشريعات الضريبية، وثمَّن أهميتها في مقابل تلک التي تقودهم قسراً إليه. کما ثمَّن قيمة الإمتثال الضريبي الطوعي، الذي يمکن أن يتحقق بسبب العلاقة الطيبة بين الإدارة الضريبية وبين الممولين، وبينها وبين العاملين لديها، وکذا بسبب قدرتها علي التکيف مع المتغيرات التي تشهدها الظروف البيئية المحيطة بأنشطة الممولين، والبيئة التشريعية. وکشف عن أثر جودة السلع والخدمات العامة علي تحسنه. وبين کيف أن وضوح العلاقة بين الحکومات المرکزية والمحلية له دورٌ إيجابيُ علي تنميته علي المستوي المحلي، في ضوء تنامي إنتشار فکرة اللامرکزية المالية في النظم الضريبية المعاصرة، وأن التبادل التلقائي للمعلومات الضريبية بين الإدارات الضريبية في البلدان المختلفة له دور إيجابي علي تنميته علي المستوي الدولي. کما ثمن البحث أهمية التعامل مع الممولين بذات الفلسفة التي يتعامل بها مجتمع الأعمال مع المستهلکين، والنظر إليهم علي أنهم عملاء، لهم مطالب ينبغي تحقيقها. صحيح أنهم عملاء من طبيعة خاصة، بالنظر إلي أنهم يدفعون مبالغ مالية من دخولهم للدولة جبراً عنهم، وبلا مقابل، لکن هذه الطبيعة الخاصة التي تعلق بهم تجعلهم أولي بمراعاة مطالبهم من سواهم، وأن تتعامل الإدارة الضريبية معهم علي أنهم عملاء شرفاء، وليس کلصوص يأنسون التهرب من الضريبة المستحقة. وإستعرض البحث تجارب من النظم المقارنة في کل من السويد، والولايات المتحدة الأمريکية، ودول أمريکا اللاتينية، ومنطقة الکاريبي. واستعرض المهام الإعتيادية التي تألف الإدارات الضريبية في النظم المقارنة القيام بها لتحقيق الإمتثال الضريبي، علي المستويين المحلي والدولي. وعرض من خلالها لمفهوم سياسة الإفصاح الطوعي، وبين أهميتها. ثم لآلية فحص ومراجعة الإقرارات الضريبية للممولين، والمناهج المختلفة المتبعة لبرامج الفحص، بما يتناسب مع قدرات الإدارة الضريبية. وحتي يمکن للإدارة الضريبية إحکام ذلک، أکد البحث علي أهمية توسيع صلاحياتها، من خلال السماح لها بإلزام الممولين ببعض الإجراءات القسرية لتنمية الإمتثال الضريبي، مثل: قدرتها علي إلزام الممولين بدفع ديونهم الضريبية بالطرق الإدارية. وإمکانها إغلاق أنشطة الممولين، وإلغاء تراخيص العمل الصادرة لهم. وقدرتها علي حرمانهم من الوصول للخدمات الحکومية، وحظر السفر إلي الخارج...إلخ. وعرج البحث علي الإصلاحات التي تجريها مصر لمنظومتها الضريبية سواء في التشريعات الضريبية الموضوعية، أو الإجرائية. أوعلي صعيد الإدارة الضريبية، وثمن الإصلاحات التي لحقت في الآونة الأخيرة بمصلحة الضرائب المصرية، وأوصي بضرورة مداومة السير في سبيل الإصلاح، لتنمية الإمتثال الضريبي بصورة طيبة في ضوء التعديلات المتلاحقة في تشريعاتنا الضريبية في السنوات الأخيرة، وآثارها الضارة علي قاعدة اليقين، ومن ثم علي جودة الإمتثال الضريبي في مصر. والله ولي التوفيق،،،
[1] - Richard M. Bird: Administrative Dimensions of Tax Reform, ASIA-PACIFIC TAX BULLETIN, International Bureau of Fiscal Documentation, 2004 .p. 138.
[2]- تُعنَي الولايات المتحدة الأمريکية علي سبيل المثال بمثل هذه الدراسات منذ سنة 1981م.، (انظر تفصيلا:
M. Besfamille and C. Parlatore Siritto: Modernization of Tax Administrations and Optimal Fiscal Policies, Department of Economics, New York University, July 13, 2009. p.1.).
[3] - Richard M. Bird: Administrative Dimensions of Tax …Op. Cit. p. 138.
[4] - Richard M. Bird: Administrative Dimensions of Tax…Op. Cit. p. 138.
-The Hitotsubashi Academy: THE CONFLICT BETWEEN EFFICIENCY AND EQUITY OF TAX ADMlNISTRATION…Op. Cit. p. 9.
[5] - Simon James & Clinton Alley: Tax Compliance, Self-Assessment and Tax Administration, Journal of Finance and Management in Public Services. Volume 2, Number 2, New Zealand, 2004.p. 30.
- Pakarang Chuenjit: The Culture of Taxation: Definition and Conceptual Approaches for Tax Administration …Op. Cit. p. 21.
[6] - Richard M. Bird: Administrative Dimensions of Tax …Op. Cit. p. 137.
-Stanley S. Surrey: Tax Administration in…Op. Cit. p. P.9.
[7] - Simon James & Clinton Alley: Tax Compliance, …Op. Cit. p. 34.
[8] - Simon James & Clinton Alley: Tax Compliance, Self-Assessment and Tax Administration…Op. Cit. p. 34.
[9] - M. Besfamille and C. Parlatore Siritto: Modernization of Tax Administrations and Optimal Fiscal Policies, Department of Economics, New York University, July 13, 2009. p. 1.
- Pakarang Chuenjit: The Culture of Taxation…Op. Cit. p.22.
[10] - M. Besfamille and C. Parlatore Siritto: Modernization of Tax Administrations and Optimal Fiscal Policies…Op. Cit. p. 1.
[12] - Mohammed Abdullahi Umar, Nyende Festo Tusubira: CHALLENGES OF TAX ADMINISTRATION IN DEVELOPING COUNTRIES: INSIGHTS FROM THE 5TH ANNUAL TAX ADMINISTRATION RESEARCH CENTRE WORKSHOP, 2017. Journal of Tax Administration, UK. Vol 3:2 2017, p. 113.
- Pakarang Chuenjit: The Culture of Taxation…Op. Cit. p. 27.
[13] - Mohammed Abdullahi Umar, Nyende Festo Tusubira: CHALLENGES OF TAX ADMINISTRATION IN DEVELOPING COUNTRIES: …Op. Cit. p. 113.
-Stanley S. Surrey: Tax Administration in …Op. Cit. p. P.9.
[14] - Richard M. Bird: Administrative Dimensions of Tax …Op. Cit. p. 137.
- Pakarang Chuenjit: The Culture of Taxation…Op. Cit. p. 29.
[16]- The OECD Committee of Fiscal Affairs Forum on Strategic Management Caveat: Principles of Good Tax Administration …Op. Cit. p. p.5.
- Arindam Das-Gupta Gemma B. Estrada & Donghyun Park: Measuring Tax Administration Effectiveness and its Impact on Tax Revenue…Op. Cit. p. 30.
[17] - Mohammed Abdullahi Umar, Nyende Festo Tusubira: CHALLENGES OF TAX ADMINISTRATION IN DEVELOPING COUNTRIES: …Op. Cit. p. 118.
- Arindam Das-Gupta Gemma B. Estrada & Donghyun Park: Measuring Tax Administration Effectiveness and its Impact on Tax Revenue…Op. Cit. p. 31.
[19] - Mohammed Abdullahi Umar, Nyende Festo Tusubira: CHALLENGES OF TAX ADMINISTRATION IN DEVELOPING COUNTRIES: …Op. Cit. p. 119.
- Chandler B. McClellan: The Consequences of Poor Tax …Op. Cit. p. P.22.
[20] - ASIAN DEVELOPMENT BANK: A COMPARATIVE ANALYSIS OF TAX ADMINISTRATION IN ASIA AND THE PACIFIC…Op. Cit. p. 107.
[21] - Rita Anna Ambrus – Zsuzsanna Széles: Fiscal assets in practice, The Development and Practice of Electronic Tax Administration, Hungary, Public Finance Quarterly 2017/4, p. 468.
- Arindam Das-Gupta Gemma B. Estrada & Donghyun Park: Measuring Tax Administration Effectiveness and its Impact on Tax Revenue…Op. Cit. p. 32.
[22] - Rita Anna Ambrus – Zsuzsanna Széles: Fiscal assets in practice, The Development and Practice of Electronic Tax Administration…Op. Cit. p. 468.
[23]- The OECD Committee of Fiscal Affairs Forum on Strategic Management Caveat: Principles of Good Tax Administration …Op. Cit. p. p.5.
- Arindam Das-Gupta Gemma B. Estrada & Donghyun Park: Measuring Tax Administration Effectiveness and its Impact on Tax Revenue…Op. Cit. p. 32.
[24] - Richard M. Bird: Administrative Dimensions of Tax …Op. Cit. p. p.6. 139.
- Arindam Das-Gupta Gemma B. Estrada & Donghyun Park: Measuring Tax Administration Effectiveness and its Impact on Tax …Op. Cit. pp.6. 33.
[25] - Richard M. Bird: Administrative Dimensions of Tax …Op. Cit. pp.6. 139.
- Pakarang Chuenjit: The Culture of Taxation…Op. Cit. p. p.6. 22.
[26] - Yassie Hodges: Detailed Guidelines for Improved Tax Administration in Latin America and the Caribbean …Op. Cit. p. 12.
- Arindam Das-Gupta Gemma B. Estrada & Donghyun Park: Measuring Tax Administration Effectiveness and its Impact on Tax Revenue…Op. Cit. p. 33.
[27] - Yassie Hodges: Detailed Guidelines for Improved Tax Administration in Latin America and the Caribbean …Op. Cit. p. 12.
- Pakarang Chuenjit: The Culture of Taxation…Op. Cit. p. 32.
[28] - Yassie Hodges: Detailed Guidelines for Improved Tax Administration in Latin America and the Caribbean …Op. Cit. p. 11.
[29] - Yassie Hodges: Detailed Guidelines for Improved Tax Administration in Latin America and the Caribbean …Op. Cit. p. 12.
- Pakarang Chuenjit: The Culture of Taxation…Op. Cit. p. 33.
[30] - Yassie Hodges: Detailed Guidelines for Improved Tax Administration in Latin America and the Caribbean …Op. Cit. p. 15.
- Arindam Das-Gupta Gemma B. Estrada & Donghyun Park: Measuring Tax Administration Effectiveness and its Impact on Tax Revenue…Op. Cit. p. 37.
[31] - Yassie Hodges: Detailed Guidelines for Improved Tax Administration in Latin America and the Caribbean …Op. Cit. p. 13.
- Arindam Das-Gupta Gemma B. Estrada & Donghyun Park: Measuring Tax Administration Effectiveness and its Impact on Tax Revenue…Op. Cit. p. 43.
[32] - Yassie Hodges: Detailed Guidelines for Improved Tax Administration in Latin America and the Caribbean …Op. Cit. p. 12.
[33] - Yassie Hodges: Detailed Guidelines for Improved Tax Administration in Latin America and the Caribbean …Op. Cit. p.13.
- Pakarang Chuenjit: The Culture of Taxation: Definition and Conceptual Approaches for Tax Administration, Journal of Population and Social Studies, Volume 22 Number 1 January 2014.p.35.
[34] - Richard M. Bird: Administrative Dimensions of Tax …Op. Cit. p. 137.
[35]- راجع: مجلة الثقافة الضريبية، العدد الحادي والعشرون، مارس 2003م. ، صـ 44 0)
[36] - Richard M. Bird: Administrative Dimensions of Tax …Op. Cit. p.149.
- Pakarang Chuenjit: The Culture of Taxation…Op. Cit. p. 20.
[37] - Richard M. Bird: Administrative Dimensions of Tax …Op. Cit. p. 149.
- Pakarang Chuenjit: The Culture of Taxation…Op. Cit. p. 21.
[38] - Simon James & Clinton Alley: Tax Compliance, Self-Assessment and Tax Administration…Op. Cit. p. 37.
- Arindam Das-Gupta Gemma B. Estrada & Donghyun Park: Measuring Tax Administration Effectiveness and its Impact on Tax Revenue…Op. Cit. p. 47.
[39] - Simon James & Clinton Alley: Tax Compliance, Self-Assessment and Tax Administration…Op. Cit. p. 38.
[40] - Yassie Hodges: Detailed Guidelines for Improved Tax Administration in Latin America and the Caribbean …Op. Cit. p. 6.
[43] - Yassie Hodges: Detailed Guidelines for Improved Tax Administration in Latin America and the Caribbean…Op. Cit. p. 8.
- Pakarang Chuenjit: The Culture of Taxation …Op. Cit. p. 26.
[44] - Yassie Hodges: Detailed Guidelines for Improved Tax …Op. Cit. p. 7.
[45] - Yassie Hodges: Detailed Guidelines for Improved Tax …Op. Cit. p. 7.
- Arindam Das-Gupta Gemma B. Estrada & Donghyun Park: Measuring Tax Administration Effectiveness and its Impact on Tax Revenue…Op. Cit. p. 44.
[46] - Yassie Hodges: Detailed Guidelines for Improved Tax …Op. Cit. p. 7.
- Pakarang Chuenjit: The Culture of Taxation …Op. Cit. p. 30.
[47] - Yassie Hodges: Detailed Guidelines for Improved Tax …Op. Cit. p. 8.
- Pakarang Chuenjit: The Culture of Taxation …Op. Cit. p. 32.
[48] - Yassie Hodges: Detailed Guidelines for Improved Tax …Op. Cit. p. 9.
- Pakarang Chuenjit: The Culture of Taxation…Op. Cit. p. 18.
[49] - Yassie Hodges: Detailed Guidelines for Improved Tax …Op. Cit. p. 9.
- Pakarang Chuenjit: The Culture of Taxation…Op. Cit. p. 19.
[50] - Richard M. Bird: Administrative Dimensions of Tax …Op. Cit. p. 149.
[51] - Yassie Hodges: Detailed Guidelines …Op. Cit. pp.16 - 17.
- Pakarang Chuenjit: The Culture of Taxation…Op. Cit. p. 20.
[52] - Yassie Hodges: Detailed Guidelines for Improved …Op. Cit. pp.16 - 17.
- Arindam Das-Gupta Gemma B. Estrada & Donghyun Park: Measuring Tax Administration Effectiveness and its Impact on Tax Revenue…Op. Cit. p. 46.
- Pakarang Chuenjit: The Culture of Taxation…Op. Cit. p. 21.
[54] - Yassie Hodges: Detailed Guidelines …Op. Cit. pp.16 - 17.
[55] - Ibid. Loc. Cit.
[56] -ASIAN DEVELOPMENT BANK: A COMPARATIVE ANALYSIS OF TAX ADMINISTRATION IN ASIA AND THE PACIFIC …Op. Cit. p. 71.
- Mohammad Amin: Quality of Tax Administration…Op. Cit. p. 12.
[57] - ASIAN DEVELOPMENT BANK: A COMPARATIVE …Op. Cit. p.71.
- Pakarang Chuenjit: The Culture of Taxation…Op. Cit. p. 23.
[58] - ASIAN DEVELOPMENT BANK: A COMPARATIVE ANALYSIS OF TAX ADMINISTRATION IN ASIA …Op. Cit. p. 71.
- Mohammad Amin: Quality of Tax Administration…Op. Cit. p. 12.
[59] - Yassie Hodges: Detailed Guidelines for Improved Tax…Op. Cit. p. 23.
[60] - Yassie Hodges: Detailed Guidelines for Improved Tax Administration in Latin America …Op. Cit. p. 23.
- Mohammad Amin: Quality of Tax Administration…Op. Cit. p. 14.
[61] - Yassie Hodges: Detailed Guidelines for Improved Tax …Op. Cit. p. 23.
- Pakarang Chuenjit: The Culture of Taxation…Op. Cit. p. 27.
[62] - Yassie Hodges: Detailed Guidelines for Improved Tax …Op. Cit. p. 11.
- Pakarang Chuenjit: The Culture of Taxation…Op. Cit. p. 29.
[63] - Yassie Hodges: Detailed Guidelines for Improved Tax …Op. Cit. p. 11.
[64] - Yassie Hodges: Detailed Guidelines for Improved Tax…Op. Cit. p.12.
- Pakarang Chuenjit: The Culture of Taxation…Op. Cit. p. 29.
[66] - Yassie Hodges: Detailed Guidelines f …Op. Cit. p. 21.
[67] - Yassie Hodges: Detailed Guidelines for Improved Tax …Op. Cit. p. 21.
[68] - Yassie Hodges: Detailed Guidelines for Improved Tax…Op. Cit. p. 21.
- Pakarang Chuenjit: The Culture of Taxation…Op. Cit. p. 26.
[69] - Yassie Hodges: Detailed Guidelines …Op. Cit. p. 21.
- Pakarang Chuenjit: The Culture of Taxation…Op. Cit. p. 27.
[70] - Yassie Hodges: Detailed Guidelines …Op. Cit. p. 21.
[71] - Ibid. p. 23.
[72] - Yassie Hodges: Detailed Guidelines …Op. Cit. p. 22.
- Pakarang Chuenjit: The Culture of Taxation…Op. Cit. p. 24.
[73] - Yassie Hodges: Detailed Guidelines …Op. Cit. p. 22.
[74] - ASIAN DEVELOPMENT BANK: A COMPARATIVE …Op. Cit. p. 106.
[75] - Mohammed Abdullahi Umar, Nyende Festo Tusubira: CHALLENGES OF TAX ADMINISTRATION …Op. Cit. p. 112.
[76] - ASIAN DEVELOPMENT BANK: A COMPARATIVE ANALYSIS …Op. Cit. p. 72.
[77] - Simon James & Clinton Alley: Tax Compliance…Op. Cit. p. 37.
- Pakarang Chuenjit: The Culture of Taxation …Op. Cit. p. 23.
[78] - ASIAN DEVELOPMENT BANK: A COMPARATIVE …Op. Cit. p. 73.
- Pakarang Chuenjit: The Culture of Taxation …Op. Cit. p. 26.
[79] - ASIAN DEVELOPMENT BANK: A COMPARATIVE ANALYSIS OF TAX ADMINISTRATION IN ASIA AND THE PACIFIC …Op. Cit. p. 73.
[80] - ASIAN DEVELOPMENT BANK: A COMPARATIVE …Op. Cit. p. 71.
- Pakarang Chuenjit: The Culture of Taxation …Op. Cit. p. 23.
[81] - Simon James & Clinton Alley: Tax Compliance, Self-Assessment and Tax Administration…Op. Cit. p. 34.
- Pakarang Chuenjit: The Culture of Taxation…Op. Cit. p. 25.
[82] - Simon James & Clinton Alley: Tax Compliance…Op. Cit. p. 37.
[83] - Richard M. Bird: Administrative Dimensions of Tax …Op. Cit. p. 149.
- Pakarang Chuenjit: The Culture of Taxation …Op. Cit. p. 27.
[84] - Richard M. Bird: Administrative Dimensions …Op. Cit. p. 149.
[85]- The OECD Committee of Fiscal Affairs Forum on Strategic Management Caveat: Principles of Good Tax Administration …Op. Cit. p. 2.
- Pakarang Chuenjit: The Culture of Taxation …Op. Cit. p. 15.
[86] - راجع في تفاصيل ذلک: أحمد کامل خليل أحمد، إصلاح الإدارة الضريبية في مص " دراسة مقارنة" رسالة دکتوراه، کلية الحقوق – جامعة بني سويف، 2018م.
[87] - Ethlyn Norton-Coke: Tax …Op. Cit. p. 2.
- Mohammad Amin: Quality of Tax Administration …Op. Cit. p. 25.
[88] - Ethlyn Norton-Coke: Tax …Op. Cit. p. 3.
-Stanley S. Surrey: Tax Administration in …Op. Cit. p. 12.
[89] - Ethlyn Norton-Coke: Tax …Op. Cit. p. 4.
- Pakarang Chuenjit: The Culture of Taxation…Op. Cit. p. 24.
[90] - Ethlyn Norton-Coke: Tax …Op. Cit. p. 5.
- Pakarang Chuenjit: The Culture of Taxation…Op. Cit. p. 24.
[91] - Ethlyn Norton-Coke: Tax …Op. Cit. p. 6.
[92] - Richard M. Bird: Administrative Dimensions of Tax …Op. Cit. p. 149.
-Stanley S. Surrey: Tax Administration in …Op. Cit. p. 16.
[93] - Michael Keen & Joel Slemrod: OPTIMAL TAX Administration…Op. Cit. p. 3.
- Pakarang Chuenjit: The Culture of Taxation…Op. Cit. p. 22.
[94] - Richard M. Bird: Administrative Dimensions of Tax …Op. Cit. p. 136.
- Pakarang Chuenjit: The Culture of Taxation…Op. Cit. p. 24.
[95] - Richard M. Bird: Administrative Dimensions of Tax …Op. Cit. p. 136.
[96] - Mohammed Abdullahi Umar, Nyende Festo Tusubira: CHALLENGES OF TAX ADMINISTRATION IN DEVELOPING COUNTRIES…Op. Cit. p. 119.
- John L. Mikesell: International Experiences…Op. Cit. p. 13.
[97] - Mohammed Abdullahi Umar, Nyende Festo Tusubira: CHALLENGES OF TAX ADMINISTRATION IN DEVELOPING COUNTRIES: …Op. Cit. p. 119.
-Stanley S. Surrey: Tax Administration in …Op. Cit. p. P.17.
[98] - Mohammed Abdullahi Umar, Nyende Festo Tusubira: CHALLENGES OF TAX ADMINISTRATION IN DEVELOPING COUNTRIES: …Op. Cit. p. 108.
- Pakarang Chuenjit: The Culture of Taxation…Op. Cit. p. 25.
[99] - M. Besfamille and C. Parlatore Siritto: Modernization of Tax Administrations and Optimal Fiscal Policies…Op. Cit. p.2.
- John L. Mikesell: International Experiences …Op. Cit. p. 16.
- John L. Mikesell: International Experiences with Administration…Op.Cit.p. 17.
[100] - M. Besfamille and C. Parlatore Siritto: Modernization of Tax Administrations and Optimal Fiscal Policies…Op. Cit. p. 2.
[101] - Ibid. Loc. Cit.
[102] - Jonathan Leigh Pemberton: KEY TRENDS AND DEVELOPMENT IN TAX Administration…Op. Cit. p. 14.
[103] - Ibid. p. 146.
[104] - Rajiva Ranian Singh: Chalinges Indian Tax Administration…Op. Cit. p. 15.
[105] - R. M. Bird: Administrative Dimensions of Tax Reform, op. cit .p. 149.
- John L. Mikesell: International Experiences with Administration...Op.Cit.p.23.
[106] - Richard M. Bird: Administrative Dimensions of Tax …Op. Cit. p. 149.
- John L. Mikesell: International Experiences with Administration…Op.Cit.p.24.
[107] - Richard M. Bird: Administrative Dimensions of Tax …Op. Cit. p. 136.
-Stanley S. Surrey: Tax Administration in Underdeveloped Countries, University of Miami Law School Institutional Repository, University of Miami Law Review 1-1-1958. P.18.
[108] - Richard M. Bird: Administrative Dimensions of Tax …Op. Cit. p.136.
[109] - The World Bank: The Administration of Road User Taxes…Op. Cit. p. 40.
[110] - Richard M. Bird: Administrative Dimensions of Tax …Op. Cit. p. 136.
[111] - Ibid. Loc.Cit.
[112] - د. رمضان صديق: التخطيط الضريبي الضار، بدون سنة طبع، أو دار نشر. صـ 35.
[113] - المرجع السابق، صـ 36.
- Rajiva Ranian Singh: Chalinges Indian Tax Administration…Op. Cit. p. 18.
[114] - راجع تصريحات د.عمرو المنير، نائب وزير المالية للسياسات الضريبية، علي الموقع التالي: https://www.mobtada.com/details/685384
[115] - نفس المرجع، نفس الموضع.
[116]- راجع تصريحات د. رمضان صديق مستشار وزير المالية للسياسة الضريبية، علي الموقع التالي: https://www.mobtada.com/details/685384