مدى مشروعية الإلزام بالفحص الطبي للمقبلين على الزواج للتأکد من السلامة من مرض الإيدز

ملخص البحث
يعد مرض الإيدز من أخطر الأمراض التي عرفتها البشرية ، نظرا لخطورة تأثيره على الجهاز المناعي للجسم ، حيث يعجزه عن مقاومة العديد من الأمراض ، و يجعله فريسة سهلة لأي مرض يخترقه ، و تعد العلاقات الجنسية خاصة العلاقات غير الشرعية و الشاذة من أکثر الطرق نقلا له إذ وفقا للمعطيات الطبية يمثل هذا الطريق أکثر من 90% من حالات العدوى ، بالإضافة إلى الدم و محتوياته ، و کذا عمليات التلقيح الصناعي و زرع الأعضاء حال الإصابة بهذا المرض ، و قد ثبت من خلال هذا البحث مدى اعتناء الشرع الإسلامي بالنفس البشرية و البعد عما يؤذيها و وقايتها من الأمراض و الأوبئة ، و قد تأيد ذلک بالنصوص الشرعية و القواعد العامة في الفقه الإسلامي ، و من هذا المنطلق لا أظن أن أحدا يمانع في مشروعية الفحص الطبي قبل الزواج للتأکد من الخلو من هذا المرض ، بعد أن ثبت طبيا أن الاتصال الجنسي من أهم وسائل انتقاله ، و قد تضافرت الأحاديث النبوية للتأکيد على هذا الأمر ، بالإضافة إلى تأسيس هذا الأمر على القواعد الفقهية باعتبار الفحص الطبي من المستجدات العصرية نسبيا .
و قد ثبت لنا من خلال البحث أيضا أن من حق ولي الأمر أن يصدر تشريعا به يلزم المقبلين على الزواج بالفحص الطبي للتأکد من السلامة من مرض الإيدز ، باعتباره القائم على أمر الرعية و المسئول عنها ، عملا بقوله عليه السلام : "کلکم راع و کلکم مسئول عن رعيته ، الإمام راع مسئول عن رعيته ..." و قد تفرع من هذا الحديث قواعد مهمة في هذا الموضوع ، منها : تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة ، و أن من حق ولي الأمر أن يقيد المباح لمصلحة يراد تحقيقها أو لمفسدة يراد درؤها متى ظهر وجه هذا أو ذاک ، و لا شک أن الفحص الطبي يترتب عليه تحقيق مصالح شرعية راجحة من سلامة الذرية و سلامة الزوجين و المجتمع بالجملة ، و درء مفسدة متوقعة و هي ذبوع هذا المرض و انتشاره في المجتمع بأسره ، على أن يتضمن هذا التشريع الضمانات الکافية لفاعليته و امتثال الأفراد له وفق ما ذکر تفصيلا بالبحث .